قصة قصيدة أإن غنت الذلفاء يوما بمنية:
أمّا عن مناسبة قصيدة “أإن غنت الذلفاء يوما بمنية” فيروى بانه بينما كان الخليفة عمر بن الخطاب يمشي في ليلة بين أحياء المدينة، سمع امرأة تنشد وهي في بيتها، قائلة:
هل من سبيلٍ إلى خَمرٍ فأشربها
أم هل سبيلٌ إلى نصرِ بن حجَّاج
إلى فتًى ماجدِ الأعراقِ مُقتبِلٍ
سهلِ المُحيَّا كريمٍ، غير مِلجاجِ
فقال الخليفة رضي الله عنه: هل يوجد في المدينة رجل تنادي باسمه النساء وهنّ في بيوتهن؟، وأمر بأن يحضروا له نصر بن الحجاج، فتوجهوا إلى بيته وأحضروه له، وكان هذا الشاب شديد الجمال، وكان له شعر جميل، فأمر عمر بن الخطاب بأن يحضروا له الحجام، وأمره بأن يجز له شعره، فأشرق وجه الشاب أكثر مما كان عليه، فأمره عمر أن يلبس العمامة، فلبسها، وازداد جمالًا، فقال له عمر: والله لن تسكن معي في مدينة أنا فيها، فقال له الشاب: ولم هذا يا أمير المؤمنين؟، فقال له عمر: هو كما قلت، وأمره بان يخرج إلى البصرة، ففعل، وعندما وصل خبر ذلك إلى الامرأة خافت أن يطلبها أمير المؤمنين، ويحكم عليها، فبعثت له بأبيات من الشعر قالت له فيها:
قُل للإمام الذي تُخشى بوادِرُهُ
ما لي وللخمرِ أو نصرِ بن حجاج
إنِّي عنيتُ أبا حفصٍ بغيرهِما
شربِ الحليب وطرفٍ غيره ساجي
إن الهوى ذِمَّة التقوى فقيَّده
حتى أقرَّ بإلجام وإسراج
لا تجعل الظن حقًّا أو تُبيَّنَه
إن السبيلَ سبيلُ الخائف الراجي
وفي يوم بعث الخليفة إلى القائم على البصرة بكتب، وعندما وصل الرسول إلى البصرة، مكث فيها عدة أيام، وقبل أن يتوجه عائدًا إلى المدينة، قال العامل للناس: إن كان لأحد منكم حاجة عند أمير المؤمنين فليكتبها، فبعث نصر بن حجاج بكتاب إلى الخليفة، يطلب منه أن يعيده إلى المدينة، وكتب إليه بأبيات قال له فيها:
أإنْ غنَّت الذلفاء يومًا بمُنيةٍ
وبعضُ أمانيِّ النساء غَرَامُ
ظننتَ بيَ الظنَّ الذي ليس بعده
بقاءٌ، فمالي في النديِّ كلامُ
ويَمنعُني مما تظُنَّ تكرُّمي
وآباءُ صِدقٍ سالِفون كِرامُ
ويَمنعُها مما تظُنَّ صَلاتُها
وحالٌ لها في قَومِها وصيامُ
فهذان حالانا! فهل أنتَ راجعي
فقد جُبَّ مني كاهلٌ وسنامُ
وعندما وصل الكتاب إلى عمر وقرأه، قال: والله لن يعود مادام لي سلطان على المدينة، فلم يعد إليها حتى توفي أمير المؤمنين.
نبذة عن نصر بن الحجاج:
هو نصر بن حجاج بن علاط بن خالد بن ثوير، اشتهر بشدة جماله.