قصة قصيدة أبوح بحزن من فراقك موجع:
أما عن مناسبة قصيدة “أبوح بحزن من فراقك موجع” فيروى بأنه كان هنالك رجل وكان لديه جارية، وقد كانت هذه الجارية تبرع وتتفوق في جميع أنواع الأدب، وقد كان هذا الرجل غنيًا فيما سبق، ولكن ذلك لم يدم عليه، فأصبح لا يملك ما يقيت به نفسه، وفي يوم دخلت عليه جاريته، وقالت له: يا سيدي، أريد أن أقول لك شيء، ولكنّي أستحي أن أقوله، حيث أنّه سوف يبدو على أنّه جفاء مني، ولكنه والله ليس من السهل أن أرى ما بك من ضيق عيش، وقلة مال، وذهب النعمة التي كانت عليك، وإني والله أخاف عليك أن تحتاج الناس وتسألهم.
ثم أكملت الجارية قائلة: يا سيدي، إن عبيد الله بن معمر هنا في المدينة، وإنه قد اشتهر بكرمه وفضله وسعدة يده، فإنّ سمحت لي، أصلحت من نفسي، ثم تذهب بي إليه، وتقدمني له كهدية، لعله بذلك يكافئك، ويعطيك المال الذي به تستطيع أن تخرج نفسك من الحال الذي أنت به، فبكى الرجل، وحزن لأنها سوف تفارقه، ومن ثم قال لها: والله لو أنك لم تقولي لي هذا، ما طلبته منك، ثم أخذها وتوجه إلى مجلس عبيد الله بن معمر، واستأذن لكي يدخل عليه، فأذن له.
وعندما وقف بين يديه، قال له: إن عندي هذه الجارية، وأريدك أن تقبلها مني هدية، فقال له عبيد الله بن معمر: والله إنّي لا أقبل أن آخذها من دون مقابل، فإن أردت اشتريتها منك، وسوف أعطيك مقابلها ما يرضيك، فقال له الرجل: حسنًا، فقال له أعطيك مائة ألف درهم، فقال له الرجل: والله إني لم أكن أحلم بعشر ما أعطيتني، فأمر له عبيد الله بالمال، وأعطاه له، ومن ثم قال للجارية: ادخلي إلى الحجاب، فقال له الرجل: اتأذن لي أن أودعها؟، فقال له: نعم، فوقف عندها، وأنشد لها وهو يبكي:
أبوح بحزن من فراقك موجع
أقاسي به ليلاً يطيل تفكري
ولولا قعود الدهر بي عنك لم يكن
يفرقنا شيء سوى الموت فاعذري
عليك سلام لا زيادة بيننا
ولا وصل إلا أن يشاء ابن معمر
فقال بن معمر للرجل: لقد شئت، فخذها، وخذ ما أعطيتك من مال، فخرج من عنده ومعه جاريته، وعاد إلى بيته غنيًا.
حال الشاعر:
كانت حالة الشاعر عندما ألقى هذه القصيدة الحزن الشديد على فراق جاريته.