التعريف بالشاعر أبو العتاهية:
أمَّا عن التعريف بشاعر هذه القصيدة: هو أبو العتاهية إسماعيل بن القاسم العنزي، ولد سنة “130” للهجرة في عين التمر بالقرب من كربلاء، هو من شعراء العصر العباسي، ديانته الاسلام، لقب بأبو العتاهية وعرف به، يُعدّ أبو العتاهية من المتقدمين في الشعر، وقد امتاز شعره بطلقة الطبع ورشاقة النظم، إلى جانب استخدامه للألفاظ السهلة والتي تخلو من وصف الصحراء والوقف على الاطلال، فقد شهدت حياة أبو العتاهيه مرحلة تنقل جديدة، حيث كانت حياتي في البداية قائمة على أساس الغزل واللهو، ثم انتقلت بعد ذلك إلى حياة الزهد.
وأمَّا عن لقبه بأبي العتاهية: بسبب جنونه وعته وتعلُّقه بجارية الخليفة المهدي في بغداد والتي كانت تدعى باسم “عتبة”، حيث تعلّق أبو العتاهية بعتبة بشكلٍ جنوني، كما أنّه كان قد ذكرها في الكثير من أشعاره، ولكن عتبة رفضت أبا العتاهية بسبب قبح شكله، وبسبب رفض عتبة له تحولت حياة أبو العتاهية من الغزل واللهو الى حياة الزهد والوعظ.
وأمَّا عن وفاة أبي العتاهيه: توفي أبو العتاهية في بغداد سنة “211 “للميلاد في عهد الخليفة المأمون، وقد أوصى أن يكتب على قبره:
إنَّ عيشًا يكونُ آخرَه الموتُ
لعيشٌ مُعجّلُ التنغيصِ
سرد قصة ” أبي العتاهية التي أبكت هارون الرشيد “
تروى قصيدة أبي العتاهية التي أبكت الرشيد: عُرف أنَّ الرشيد كان يحب أن يسمع الأناشيد من الملّاحين حين يركب السفينة فطلب من أبي العتاهية أن ينشد له شعراً لأنَّ أبا العتاهية بليغ الشعر وأفضل من ينظمه فرفض، فأمر الرشيد بحبسه.
يحكى أنَّ الرشيد أمر الشعراء أن ينظمو له شعراً يغنّوه فيستعذبه؛ لأنّ كلمات الملّاحين لا تروقه فكان أبو العتاهية أعذبهم شعراً ولكنّه محبوساً عند الرشيد فذهبوا إليه بالطلب أن يكتب شعراً ولم يبشّروه بالفراج عنه، فغضب أبو العتاهية وأقسم أن يقول شعراً يحزن الرشيد حزناً شديداً بدلاً من أن يسعده.
فركب الملّاحين في السفينة بنزهة مع هارون الرشيد وأنشد الملّاحين لأبي العتاهية، فقالوا:
خانك الطرف الطموح
أيّها القلب الجموحُ
لدواعي الخيرِ والشّر،
دنوٌّ ونزوحُ
هل لمطلوب بذنب
توبة منه نصوحُ؟
موت بعض الناس في
الأرض على بعض فتوحُ!
سيصير المرء يوماً
جسداً ما فيه روحُ
بين عيني كل حيّ
علم الموت يلوحُ
كلّنا في غفلة والـموتُ
يغدو ويروحُ
نُح على نفسك
يا مسكين إن كنت تنوحُ
لتموتنّ وإن عمرت
ما عمر نوحُ
وعندما سمع الرشيد بهذا الشعر بدأ بالبكاء فكان معروفاً عنه يبكي عند الموعظة بكاءً مرً غزيراً وعندما رأى الفضل بن الربيع بكاء الخليفة فتدخّل بأن يأمر الملّاحين أن يكفّوا عن الغناء وبهذا تحققت رغبت أبي العتاهية التي أقسم بها.