يسر الرجل إن قام أحدهم بمدحه، ويعطيه على قدر استطاعته لقاء ذلك المدح، ومن ذلك ما حصل مع إبراهيم الموصلي عندما غنى قصيدة في مدح البرامكة أمام يحيى بن خالد البرمكي، فسر يحيى به وأجزل عليه.
من هو ابن مناذر؟
هو محمد بن مناذر الصبيري اليربوعي، شاعر من شعراء العصر العباسي الأول، كان بالإضافة إلى كونه شاعر خطيبًا، وكان يميل إلى النحو واللغة، ولد في مدينة عدن في اليمن، وتوفي في مكة المكرمة.
قصة قصيدة أتانا بنو الأملاك من آل برمك
أما عن مناسبة قصيدة “أتانا بنو الأملاك من آل برمك” فيروى بأن يحيى بن خالد البرمكي بعث في يوم من الأيام في طلب إبراهيم الموصلي، فتوجه إبراهيم إلى مجلسه من فوره، ووقف على باب المجلس، واستأذن للدخول، فأذن له بالدخول، ودخل إلى المجلس، ووجده جالسًا، وعنده ولداه الفضل وجعفر.
فجلس إبراهيم الموصلي معهم، وقال له يحيى: يا أبا إسحاق، لقد استيقظت من النوم اليوم وأنا مهموم، فبعثت لك لكي أسمع منك شيئًا يذهب عني همي، فغن لي شعرًا أرتاح لسماعه، فأخذ إبراهيم يغني شعر ابن مناذر الي قال فيه:
أتَـانـا بنو الأملاك من آل بَرمكِ
فـيـا طـيـبَ أخـبـارٍ ويا حسنَ مَنظرِ
يمدح الشاعر في هذه الأبيات البرامكة، ويقول بأنهم أبناء الملوك، وبأن خبر مجيئهم إليهم لهو خبر طيب، ورؤيتهم تسر الناظر.
لهـم رحـلةٌ في كل عام الى العدى
واخرى الى البيتِ العتيقِ المطهرِ
إذا وردوا بــطـحـاء مـكـة أشـرَقَـت
بـيـحـيـى وبالفضل بن يحيى وَجَعفرِ
فـتـظـلمُ بـغدادُ ويجلوُ لنا الدُجى
بــمــكـة مـا حـجَـوا ثـلاثـة أقـمـرٍ
فَــمــا صَــلحــت إلاّ لجـودٍ أكـفـهُـم
وأرجــلهــم إلاّ لأعــوادِ مــنــبــر
إذا راضَ يـحـيى الأمر ذلت صِعابُهُ
وحَــــســـبُـــك مِـــن رَاعٍ له ومُـــدبِّرِ
تـرى النّـاسَ إجـلالاً له وكـأنـهـم
غـرانـيـقُ مـاءٍ تـحـتَ بـاز مـصرمصرِ
وعندما انتهى إبراهيم من الغناء سر يحيى بن خالد منه، وأمر له بمائة ألف درهم، وأمر له كل من الفضل ويحيى بمائة ألف، فأخذ الثلاثمائة ألف درهم وشكرهم، وانصرف عائدًا إلى بيته.
الخلاصة من قصة القصيدة: دعا يحيى بن خالد في يوم من الأيام إبراهيم الموصلي إلى مجلسه، وطلب منه أن يغنيه صوتًا، فغنى له أبياتًا لابن المناذر، فسر بها، وأمر له بمائة ألف درهم، كما أمر له كل من الفضل ويحيى بمثل ذلك، فأخذها وشكرهم، وعاد إلى منزله.
