قصة قصيدة أترجو أن تكون وأنت شيخ
أمّا عن مناسبة قصيدة “أترجو أن تكون وأنت شيخ” فيروى بأن عمرو بن بحر بن محبوب الملقب بالجاحظ، كان سيء المظهر، ولكنه كان يتقن الكثير من العلوم، وقام بتصنيف العديد من الكتب التي تدل على قوة ذهنه، وتصرفه الجيد، ولكنّه عندما تقدم في العمر، وأتته أواخر أيامه، وفي يوم من الأيام زاره جمع من أصدقاء له، وكان يومها عمره ستة وتسعون عامًا، وجلسوا معه، وسألوه عن حاله، فقال لهم مجيبًا: إن جانبي الأيسر مفلوج، فلو أن أحد القوارض أتى وقرضه لن أشعر به، وفي جانبي الأيسر نقرس، فلو أن ذبابة وقفت عليه لتألمت ألمًا شديدًا، فحزنوا عليه، وبان عليهم ذلك، وعندما رأى ذلك في عيونهم، أنشدهم قائلًا:
أَتَرجو أَن تَكونَ وَأَنتَ شَيخ
كَما قَد كُنتَ أَيّامُ الشَباب
لَقَد كَذَّبتَكَ نَفسَكَ لَيسَ ثَوب
دَريسُ كَالجَديدِ مِنَ الثِياب
وبعد ذلك بعدة أيام كان في مكتبته، يقرأ بعض الكتب المفضلة لديه، فوقع عليه صف من الكتب فمات من فوره، وقد مات وهو مدفونا بالكتب والمجلدات، تاركًا وراءه كتباً ومقالات وأفكاراً ما زالت خالدة حتى أيامنا هذه.
نبذة عن الجاحظ
هو أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب بن فزارة الليثي الكناني البصري، وقد كني بالجاحظ بسبب بروز عينيه وجحوظهما خارج مقلتيهما، أحد كبار أئمة الأدب في العصر العباسي، ومازال من أكبر الأدباء حتى أيامنا هذه، ولد في عام مائة وتسعة وخمسون في البصرة في العراق، وكان فخورًا بأصله حيث قال في يوم: «أنا رجل من بني كنانة، وللخلافة قرابة، ولي فيها شفعة، وهم بعد جنس وعصبة».
نشأ فقيرًا، وكان قبيحًا عرف ولكنه كان خفيف الروح وميله إلى الهزل والفكاهة، وبسبب ذلك كانت كتاباته تحتوي على هزل وتهكم، على الرغم من اختلاف مواضيعها.
طلب العلم وهو صغير في السن، فقرأ القرآن ومبادئ اللغة على شيوخ المدينة، ولكن اليتم والفقر منعه من أن يتفرغ لطلب العلم، فأصبح يبيع السمك والخبز في النهار، ويذهب إلى دكاكين الورّاقين في الليل ويقرأ منها ما يستطيع قراءته.
ومن أفضل كتبه: كتاب الحيوان، وكتاب البيان والتبيين، توفي في عام ثمانمائة وثمانية وستون للهجرة في البصرة.