نروي لكم اليوم ما كان من خبر عريب المأمونية، وزيارتها للخليفة المتوكل بينما كان مريضًا.
قصة قصيدة أتوني فقالوا بالخليفة علة
أما عن مناسبة قصيدة “أتوني فقالوا بالخليفة علة” فيروى بأن عريب المأمونية هي ابنة جعفر البرمكي، ولكنها سرقت بينما كانت صغيرة في العمر، وكان ذلك عند زوال دولة البرامكة، وبيعت في سوق النخاسة، فاشتراها المأمون بن هارون الرشيد، وكانت امرأة شديدة الجمال، وكان المأمون يحبها، ولكنها كانت تحب رجلًا يقال له محمد بن حماد، ومن بعده أحبت رجلًا يقال له صالح المنذري، وتزوجته من دون علم الخليفة.
وفي يوم من الأيام أصيب الخليفة المتوكل بحمى، فدخلت إليه عريب تعوده، وبينما هي بين يديه أنشدته أبياتًا من الشعر قالت فيها:
أتوني فقالوا بالخليفة علة
فقلت ونار الشوق توقد في صدري
ألا ليت بي حمى الخليفة جعفر
فكانت بي الحمى وكان له أجري
تقول الشاعرة في هذه الأبيات بأن الخبر وصلها بأن الخليفة مريض، وتدعي قائلة: يا ليت ما به من مرض يحل بي، فكان المرض لي، وكان للخليفة أجري.
كفى بي حزن أن قيل حم فلم أمت
من الحزن إني بعد هذا لذو صبري
جعلت فدا للخليفة جعفر
وذاك قليل للخليفة من شكري
وبعد أن شفي من مرضه دخلت إليه، وأنشدته أبياتًا من الشعر قالت فيها:
حمدنا الذي عافى الخليفة جعفرا
على رغم أشياخ الضلالة والكفر
وما كان إلا مثل بدر أصابه
كسوف قليل ثم أجلي عن البدر
سلامته للدين عز وقوة
وعلته للدين قاصمة الظهر
مرضت فأمرضت البرية كلها
وأظلمت الأمصار من شدة الذعر
فلما استبان الناس منك إفاقة
أفاقوا وكانوا كالنيام على الجمر
سلامة دنيانا سلامة جعفر
فدام معافا سالما آخر الدهر
إمام أعم الناس بالفضل والندا
قريبا من التقوى بعيدا من الوزر