قصة قصيدة أجررت حبل خليع في الصبا غزل

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة أجررت حبل خليع في الصبا غزل:

أمّا عن مناسبة قصيدة “أجررت حبل خليع في الصبا غزل” فيروى بأنه في يوم من الأيام دخل يزيد بن مزيد الشيباني على أمير المؤمنين هارون الرشيد، فقال له الخليفة: يا ابن مزيد، أتعرف من يقول فيك:

لا يَعبَقُ الطيبُ خَدَّيهِ وَمَفرِقَهُ
وَلا يُمَسِّحُ عَينَيهِ مِنَ الكُحُلِ

إِذا انتَضى سَيفَهُ كانَت مَسالِكُهُ
مَسالِكَ المَوتِ في الأَبدانِ وَالقُلَلِ

وَإِن خَلَت بِحَديثِ النَفسِ فِكرَتُهُ
حَيَّ الرَجاءُ وَماتَ الخَوفُ مِن وَجَلِ

كَاللَيثِ إِن هِجتَهُ فَالمَوتُ راحَتُهُ
لا يَستَريحُ إِلى الأَيّامِ وَالدُوَلِ

فقال له يزيد: لا والله لا أعرفه يا مولاي، فقال له الرشيد: أيقول أحدهم فيك مثل هذا الشعر، وأنت لا تعرف من هو؟، فخجل يزيد من نفسه، وانصرف من مجلس الخليفة، وعاد إلى بيته، وبعد أيام كان ابن مزيد في مجلسه، فنادى على حاجبه، وقال له: من على الباب من الشعراء؟، فقال له الحاجب: مسلم بن الوليد الأنصاري، فقال له: ومنذ متى وهو على الباب؟، فقال له: منذ مدة طويلة، فقال له يزيد: ولم منعته من الدخول؟، فقال له: لما رأيته فيك من ضائقة، فقال له: أدخله الآن، فخرج وأدخله، وعندما دخل، أنشد قائلًا:

أُجرِرتُ حَبلَ خَليعٍ في الصِبا غَزِلِ
وَشَمَّرَت هِمَمُ العُذّالِ في العَذَلِ

هاجَ البُكاءُ عَلى العَينِ الطَموحِ هَوَىً
مُفَرَّقٌ بَينَ تَوديعٍ وَمُحتَمَلِ

كَيفَ السُلُوُّ لِقَلبٍ راحَ مُختَبَلاً
يَهذي بِصاحِبِ قَلبٍ غَيرَ مُختَبَلِ

عاصى العَزاءَ غَداةَ البَينِ مُنهَمِلٌ
مِنَ الدُموعِ جَرى في إِثرِ مُنهَمِلِ

لَولا مُداراةُ دَمعِ العَينِ لَاِنكَشَفَت
مِنّي سَرائِرُ لَم تَظهَر وَلَم تُخَلِ

أَما كَفى البَينُ أَن أُرمى بِأَسهُمِهِ
حَتّى رَماني بِلَحظِ الأَعيُنِ النُجُلِ

مِمّا جَنى لي وَإِن كانَت مُنىً صَدَقَت
صَبابَةً خُلَسُ التَسليمِ بِالمُقَلِ

حتى ختم القصيدة، فقال لحاجبه: قم ببيع ضيعتي، وأعطه نصف ثمنها، وابق لنا النصف ننفق منه، فذهب الحاجب وباعها بمائة ألف درهم، وأعطى مسلم منها خمسون ألفًا، وعندما وصل خبر ذلك إلى الخليفة هارون الرشيد، استدعى يزيد وسأله، فأخبره بالخبر، فقال له الخليفة: لقد أعطيتك مئتي ألف درهم، استرجع ما بعت بمائة ألف، وأعطي الشاعر خمسين، وأقي خمسين لنفسك.

نبذة عن مسلم بن الوليد الأنصاري:

هو مسلم بن الوليد الأنصاري، من أهل الكوفة، يلقب بصريع الغواني، شاعر غزل ومدح، ذهب إلى بغداد، ومدح الخليفة العباسي هارون الرشيد.


شارك المقالة: