قصة قصيدة أحال أكدر مختالا كعادته
أمّا عن مناسبة قصيدة “أحال أكدر مختالا كعادته” فيروى بأنه كان عند أبو زبيد الطائي كلب، وقد أطلق على هذا الكلب اسم أكدر، وكان عنده سلاح يلبسه لهذا الكلب، فكان إذا خرج له أسد لا يقوم عليه، وفي ليلة من الليالي خرج من دون أن يلبس سلاحه، فلقيه أسد في الطريق فقتله، وعندما وصل خبر ذلك إلى أبي زيد أنشد قائلًا:
أحال أكدر مختالاً كعادته
حتى إذا كان بين البئر والعطن
لاقى لد ثلل الأطواء داهيةً
أسرت وأكدر تحت الليل في قرن
حطت به شيمة ورهاء تطرده
حتى تناهى إلى الحولات في السنن
إلى مقابل خطو الساعدين له
فوق السراة كذفرى الفالج القمن
رئبال غابٍ فلا قحم ولا ضرع
كالبغل يحتطم العلجين في شطن
وكان أيضًا مما قاله في الأسد:
فباتُوا يَدْلجــون وباتَ يَســــري
بصيــــر بالدُّجَى هاد هموسُ
إلى أنْ عـــرّسوا وأغـبّ عنهـــم
قـــريبـاً ما يُحس له حسيسُ
خَـــلا أنَّ العتـــاقَ من المَــطــــايا
حســــن به فهنّ إليه شوسُ
فلمـــــا أن رَآهـــــم قد تَدَانــــوا
أَتاهـــــم وَسط أرجلهم يَميسُ
فثارَ الزَّاجــــرون فــــزاد منهــم
تقــــرابًا وواجهه ضبيسُ
بِنصـــلِ السَّيـفِ ليسَ لـــه مجــن
فصـد ولم يصادفه جَسيسُ
فيضــربُ بالشمــــال إلى حَشــــــاه
وقد نادى فأَخلفه الأنيسُ
يُشمِّــــر كالمحــــالقِ في قنــــــوتٍ
تقيـه قضَّةُ الرضِّ الدّخيسُ
وبسبب إكثاره من وصف الأسد، قرر قومه أن يذهبوا إليه، ويطلبوا منه أن يتوقف عن وصفه، فذهب جماعة منهم إلى بيته، ودخلوا عليه، وجلسوا معه، فقال له أحدهم: يا أبا زبيد إنك قد أكثرت من وصف الأسد، ونخاف أن يسبنا العرب بسبب ذلك، ونرجو منك أن تتوقف عن ذلك، فقال له أبو زبيد: والله لو أنكم رأيتم منه ما رأيت أنا، أو أنه قد حصل لكم ما حصل لكلبي أكدر بسببه، لما قلتم ما قلتم، ولكني سوف أتوقف عن وصفه لأجلكم، فأمسك عن وصفه منذ ذلك اليوم حتى يوم موته.
نبذة عن أبو زبيد الطائي
هو حرملة بن المنذر بن مَعد يَكرب بن حَنظلة بن النُّعمان بن حية بن سعنة بن الحارث بن ربيعة، لقب بشاعر الأسد.