قصة قصيدة أربع البلى إن الخشوع لباد

اقرأ في هذا المقال


على الرغم من أن العديد أخطا الشعراء تكون من دون قصد منهم، إلا أن شاعرنا أبو نواس كان قد أخطأ في قصيدة أنشدها أمام جعفر بن يحيى، وكان هذا الخطأ مقصود منه.

من هو أبو نواس؟

هو أبو علي الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن الصباح الحكمي المذحجي، شاعر من أشهر شعراء العصر العباسي، ولد في الأحواز، ونشأ في البصرة، ومن ثم انتقل إلى بغداد، واتصل هنالك مع الخلفاء العباسيين.

قصة قصيدة أربع البلى إن الخشوع لباد

أما عن مناسبة قصيدة “أربع البلى إن الخشوع لباد” فيروى بأن جعفر بن يحيى البرمكي قام ببناء دار في مدينة بغداد، وكان قد جعلها من أفضل بيوت بغداد، وعندما انتهى من بنائها، انتقل إليها، وفي يوم من الأيام جلس جعفر بن يحيى في مجلسه في تلك الدار، وأخذ الناس يدخلون إليه، ويهنئونه، وكان من بين الذين دخلوا عليه الشاعر أبي نواس، الذي أنشده قصيدة يهنئه فيها على تلك الدار، وفيها قال:

أَرَبعَ البَلى إِنَّ الخُشوعَ لَبادِ
عَليكَ وَإِنّي لَم أَخُنكَ وِدادي

فَمَعذِرَةً مِنّي إِلَيكَ بِأَن تَرى
رَهينَةَ أَرواحٍ وَصَوبِ غَوادي

وَلا أَدرَأُ الضَرّاءَ عَنكَ بِحيلَةٍ
فَما أَنا مِنها قائِلٌ لِسُعادِ

وَإِن كُنتُ مَهجورَ الفِنا فَبِما رَمَت
يَدُ الدَهرِ عَن قَوسِ المَنونِ فُؤادي

وَإِن كُنتَ قَد بَدَّلتَ بُؤسي بِنِعمَةٍ
فَقَد بُدِّلَت عَيني قَذىً بِرُقادي

سَأَرحَلُ مِن قودِ المَهاري شِمِلَّةً
مُسَخَّرَةً ما تُستَحَثُّ بِحادي

مِنَ الريحِ ماقامَت وَإِن هِيَ أَعصَفَت
نُهوزٌ بِرَأسٍ كَالعَلاةِ وَهادي

فَكَم حَطَّمَت مِن جَندَلٍ بِمَفازَةٍ
وَخاضَت كَتَيّارِ الفُراتِ بِوادِ

وَما ذاكَ في جَنبِ الأَميرِ وَزَورِهِ
لِيَعدِلَ مِن عَنسي مَدَبَّ قُرادِ

رَأَيتُ لِفَضلٍ في السَماحَةِ هِمَّةً
أَطالَت لَعَمري غَيظَ كُلَّ جَوادِ

حتى وصل إلى قوله:

سَلامٌ عَلى الدُنيا إِذا مافُقِدتُمُ
بَني بَرمَكٍ مِن رائِحينَ وَغادِ

ينعى الشاعر أبو نواس آل برمك، على الرغم من أنهم ما زالوا على قيد الحياة، ويقول بأنه سلام على الدنيا من بعدهم.

بِفَضلِ بنِ يَحيى أَشرَقَت سُبُلُ الهُدى
وَأَمَّنَ رَبّي خَوفَ كُلِّ بِلادِ

فَدونَكَها يا فَضلُ مِنّي كَريمَةً
ثَنَت لَكَ عَطفاً بَعدَ عِزِّ قِيادِ

وعندما سمع جعفر بن يحيى ما أنشد أبو نواس تطير من ذلك، وبدا على وجهه الوجوم، ومن ثم قال لأبي نواس: لقد نعيت إلي نفسي يا أبا نواس.

ويروى بأن أبو نواس كان قد قصد التشاؤم في هذه القصيدة، وكان ذلك لأنه دخل في يوم إلى مجلسه، فلم يضحك في وجهه، ولم يقربه منه، وأبقاه جالسًا في آخر المجلس، ومن ثم دخل مسلم بن وليد، فتبسم جعفر في وجهه، وقربه، وأجلسه بجانبه.

الخلاصة من قصة القصيدة: دخل الشاعر أبو نواس إلى مجلس جعفر بن يحيى البرمكي في داره الجديدة، وأنشده قصيدة، فتطير منها جعفر.

المصدر: كتاب "العمدة في محاسن الشعر وآدابه" تأليف ابن رشيق القيروانيكتاب "ابو نواس في نوادره وبعض قصائده" تأليف سالم شمس الدينكتاب "الأغاني" تأليف أبو فرج الأصفهانيكتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبة


شارك المقالة: