مالك بن طوق هو مالك بن طوق التغلبي، أحد ولاة الموصل الذين حكموها للسنوات، وصاحب قصيدة أرى الموت بين النطع والسيف كامنا.
قصة قصيدة أرى الموت بين النطع والسيف كامنا
أما عن مناسبة قصيدة “أرى الموت بين النطع والسيف كامنا” فيروى بأنه في يوم من الأيام كان الخليفة العباسي هارون الرشيد كان مع مجموعة من جلسائه على مركب يطوف يهم في نهر الفرات، وكان من بينهم مالك بن طوق، وعندما وصلوا إلى منطقة من المناطق المحاذية للنهر، قال مالك للخليفة: يا أمير المؤمنين، لو أننا نخرج إلى الشاطئ، فقال له الخليفة: هل أنت خائف؟، فقال له: لا والله، ولكن علينا أن نخرج إلى الشاطئ حتى نتجاوز هذه المنطقة، فخرج الخليفة إلى الشاطئ، وعندها انقلب المركب، فسجد الخليفة وشكر الله، وتصدق بالكثير من الأموال، وقال لمالك: لك ما تطلب، فطلب منه أرضًا يبنيها، فأمر له بأرض، ومده بالأموال والرجال، حتى أكمل عمرانها وسكنها.
وبعد أن أكمل عمرانها، وعندما اشتد ساعده، وأصبح قويًا، وفي يوم بعث إليه الخليفة يطلب منه المال، فرفض، فبعث إليه الخليفة بجيش، وقام هو الآخر بجمع جيش، والتقى الجمعان، ولكن جيش الخليفة تمكن من الانتصار، وقادوه إلى الخليفة، وأدخلوه إلى مجلسه.
وكان في المجلس كبار الدولة، فدخل إلى المجلس، وقبل الأرض، ولكنه لم يتكلم، فتعجب الخليفة من ذلك، وأمرهم بضرب عنقه، فقال الوزير له: تكلم، فإن الخليفة يريد أن يسمع ما عندك، فرفع رأسه، وقال: يا أمير المؤمنين: والله لا يوجد لدي ما أقول، فقد تسببت الدهشة بإخراسي، ولكن إن سمحت لي فإني أقول: السلام عليك، الحمد لله الذي خلقنا من طين، لقد جمع بك الله الأمة، وأخمد بك نيران الباطل، وأوضح بك طريق الحق، ومن ثم أنشد قائلًا:
أرى الموت بين النطع والسيف كامنًا
يلاحظني من حيث ما أتلفت
وأكبر ظني أنك اليوم قاتلي
وأي امــرئ مما قضى الله يفلت؟
يعز على الأوس بن تغلب وقفة
يهز علي السيف فيها وأسكت
وأي امرئ يد لي بعذر وحجة
وسيـف المنايا بين عينيه مصلت
وما بي من خوف أموت وإنني
لأعلم أن الموت شــيء مؤقت
ولكن خوفي صبية قد تركتهم
وأكبادهم مــن حسرة تتفتت
كأني أراهم حين أنعى إليهم
وقــد خمشوا تلك الوجوه وصوتوا
فإن عشت عاشوا آمنين بغبطة
أذود الردى عنهم، وإن مـت موتوا
فكم قائل لا يبعد الله داره
وآخـــر جذلان يســر ويشمت
فبكى الخليفة، وعفا عنه، وأعاده إلى دياره.