نقص عليكم اليوم خبر قتال عبيد الله بن أبي بكرة للأتراك، وما حصل بينه وبينهم، واستمرار شريح بن هانئ بقتالهم حتى قتل.
من هو شريح بن هانئ الحارثي؟
هو شريح بن هانئ بن يزيد بن الحارث بن كعب، من أصحاب علي بن أبي طالب، شهد معه حروبه، وهو شاعر من شعراء العصر الأموي.
قصة قصيدة أصبحت ذا بثٍ أقاسي الكبرا
أما عن مناسبة قصيدة “أصبحت ذا بث أقاسي الكبرا” فيروى بأن رتبيل ملك الترك كان يصالح المسلمين تارة ويتمرد تارة أخرى، وعندما رأى الحجاج حاله هذه كتب إلى عبيد الله بن أبي بكرة أن يأخذ من معه من المسلمين ويغزو رتبيل، ويستبيح أرضه، ويهدم قلاعه، يقتل كل من معه، فخرج عبيد الله ومن معه من أهل الكوفة والبصرة إلى رتبيل، والتقى معه، فكسره وهدم أركانه، وتمكن من الاستحواذ على كثير من أقاليمه ومدنه وأمصاره، وحطم كل ما يملك تحطيمًا، فتقهقر رتبيل ومن معه، وبقي عبيد الله يتبعه حتى اقترب من مدينته الكبيرة، فخاف منهم الأتراك خوفًا شديدًا، فأخذوا عليهم الطرق والشعاب حتى ضيقوا عليهم المسالك، حتى ظن المسلمون بأنهم هالكون.
فطلب عبيد الله الصلح من الأتراك، على أن يعطوه سبعمائة ألف دينار، ويفتحوا لهم طريقًا يعودون من خلاله إلى بلادهم، وكان من بين جند المسلمين رجل يقال له شريح بن هانئ الحارثي، وهو من أكبر أصحاب علي بن أبي طالب، فحث المسلمين على القتال والصبر والنزال بالسيوف والرماح والنبال، ولكن عبيد الله نهاه عن ذلك، ولكنه رفض أن ينتهي، وأجابه إلى القتال عدد من الجنود، فاستمر بقتال الأتراك، وكان بينما يقاتل يرتجز ويقول:
أصبحت ذا بث أقاسي الكبرا
قد عشت بين المشركين أعصرا
يقول شريح بن هانئ في هذا البيت بأنه قد أصبح كبيرًا في العمر، وعمره هذا أفناه في العيش بين المشركين.
ثمت أدركت النبي المنذرا
وبعده صديقه وعمرا
والجمع في صفينهم والنهرا
ويوم مهران ويوم تسترا
ويا جميراوات والمشقرا
هيهات ما أطول هذا عمرا
وبقي يقاتل حت استشهد، وقتل معه عدد ممن كانوا معه، ومن ثم خرج عبيد الله ومن معه من أرض الأتراك، فوصل خبر ذلك إلى الحجاج، فبعث إلى عبد الملك بن مروان يخبره بذلك، ويستشيره في بعث جيش كبير إلى أرض الأتراك، فوافقه الخليفة على ذلك، على أن يفعل ذلك على وجه السرعة، فجمع الحجاج جيشًا كبيرًا، وخرج إلى بلاد الأتراك.
الخلاصة من قصة القصيدة: خرج عبيد الله بن أبي بكرة إلى أرض الأتراك، وقاتلوا هنالك رتبيل ملك الترك، وتمكنوا من قتل عدد كبير من الأتراك، وهدموا قلاعهم، فهرب منهم رتبيل، ودخل مدينته العظيمة، وضيق عليهم الطرق، حتى تصالحوا معهم، وكان من المسلمين رجل يقال له شريح، استمر في القتال حتى قتل.