قصة قصيدة أضحى فؤادك يا وليد عميدا
أمّا عن مناسبة قصيدة “أضحى فؤادك يا وليد عميدا” فيروى بأن الخليفة الأموي الوليد بن يزيد، رأى في يوم من الأيام جارية في السوق، وكانت هذه الجارية نصرانية، وأعجب بجمالها، ووقع قلبه في هواها، وسأل عنها، فأخبروه بمن هي، ومن هو مولاها.
وعندما عاد إلى قصره، بعث إلى الجارية، ولكنها لم ترد عليه، وأبت أن تتكلم معه، واستمر على هذه الحال أيامًا عديدة، وهي لا ترد عليه، فكاد عقله أن يذهب، وفي يوم من أيام الأعياد للنصارى، تنكر، وتوجه إلى بستان تتنزه فيه بنات النصارى، ودخل على صاحب البستان، وأعطاه الكثير من الموال لكي يدخله إلى هذا البستان، فأدخله، وعندما رأته الجارية، قالت لصاحب البستان: من هذا؟، فقال لها: هو رجل مصاب، فأخذت تمزح معه، لعله يشفى مما هو فيه، فقال لها صاحب البستان: هل تعرفين من هذا؟، فقالت له: لا، فقال لها: هو الخليفة، فابتسمت، وجلست معه، وتحدث الاثنان.
وتزوج الخليفة اليزيد بن الوليد من هذه الجارية، وفيها يقول:
أَضحى فُؤادُكَ يا وَليدُ عَميدا
صَبّاً قَديماً لِلحِسانِ صَيودا
مِن حُبِّ واضِحَةِ العَوارِضِ طَفلَةٍ
بَرَزَت لَنا نَحوَ الكَنيسَةِ عيدا
ما زِلتُ أَرمُقُها بِعَينَي وامِقٍ
حَتّى بَصُرتُ بِها تُقَبِّلُ عودا
فَسَأَلتُ رَبّي أَن أَكونَ مَكانَهُ
وَأَكونَ في لَهَبِ الجَحيمِ وَقودا
وفي ذلك يقول أيضاً لما اشتهر أمره بها:
ألا حبذا سعدى وإن قيل إنني
كلفت بنصرانية تشرب الخمرا
يهون علينا أن نظل نهارا
إلى الليل لا أولى نصلي ولا عصرا
نبذة عن الوليد بن يزيد
هو الخليفة الأموي أبو العباس الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية الأكبر بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة، ولد في عام تسعون للهجرة، وعندما توفي أباه كان ما يزال صغيرًا لكي يستلم الخلافة، فعهد قبل أن يموت بالخلافة لهشام بن عبد الملك، على ان تكون للوليد من بعده.
توفي الوليد بن يزيد في مدينة تدمر في سوريا في عام مائة وستة وعشرون للهجرة، عن عمر يناهز الستة وثلاثون عامًا.