قصة قصيدة ألكني إلى قومي وإن كنت نائيا

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة ألكني إلى قومي وإن كنت نائيا:

أمّا عن مناسبة قصيدة “ألكني إلى قومي وإن كنت نائيا” فيروى بانه في يوم قامت أم زيد بن حارثة بن شرحبيل، وهي سعدى بنت ثعلبة بزيارة قومها، وأخذت معها ابنها زيد، وبينما هو عند أخواله، أغار عليهم جماعة من بني القين بن جسر، وكان وقتها زيد صغير، وفي غارتهم أخذوا زيد من بين غلمان، وباعوه في سوق عكاظ.

واشتراه منهم رجل يقال له حكيم بن حزام بن خويلد، وأعطاه لعمته خديجة بنت خويلد، وعندما تزوجها رسول الله صل الله عليه وسلم، وهبته له، وكان والده عندما فقده أنشد أبياتًا قال فيها:

بكيت على زيد ولم أدر ما فعل
أحي فيرجى أم أتى دونه الأجل

فو الله ما أدري وإن كنت سائلاً
أغالك سهل الأرض أم غالك الجبل

فيا ليت شعري هل لك الدهر رجعةٌ
فحسبي من الدنيا رجوعك لي بجل

تذكرنيه الشمس عند طلوعها
وتعرض ذكراه إذا قارب الطفل

وإن هبت الأرواح هيجن ذكره
فيا طول ما حزني عليه وما وجل

سأعمل نص العيس في الأرض جاهداً
ولا أسأم التطواف أو تسأم الإبل

حياتي أو تأتي علي منيتي
وكل امرىءٍ فانس وإن غره الأمل

وأوصي به قيساً وعمراً كليهما
وأوصي يزيداً ثم من بعدهم جبل

وفي يوم من الأيام حج جماعة من بني كلب، فرأوا زيد وعرفوا من هو، وهو عرفهم أيضًا، فقال لهم: ابعثوا لأهلي بهذه الأبيات عني، وأنشدهم قائلًا:

ألكني إلى قومي وإن كنت نائياً
بأني قطين البيت عند المشاعر

فكفوا من الوحيد الذي قد شجاكم
ولا تعملوا في الأرض نص الأباعر

فإني بحمد الله في خير أسرةٍ
كرام معد كابراً بعد كابر

وعندما عادوا إلى قومهم أخبروا أباه بأنهم قد وجدوه في مكة، وأبلغوه الأبيات التي قالها، فخرج هو وأخاه كعب إلى مكة، وسألا عن النبي صل الله عليه وسلم، فأخبروهم بأنه في المسجد، فتوجهوا إليه، ودخلوا عليه، وطلبوا منه أن يبتاعوا منه زيد، وأخبره الحارثة بأنه ابنه، فقال له الرسول بأنه سوف يدعوه ويخيره بينه وبينهم، وأخبرهم بأنه إن اختارهم فهو لهم من دون ثمن، فدعاه الرسول، وسأله إن كان يعرفهما، فأجابه قائلًا: هذا أبي وهذا عمي، فخيره الرسول بينه وبينهم، فاختار الرسول، وقال: أنت مني بمكان الأب والعم، فغضب منه أباه، وقال له: ويحك، أتختار أن تكون عبدًا على أن تكون حرًا، فقال له: نعم، والله إني قد رأيت منه ما لم أره من احد سواه.

فخرج به الرسول، وأشهد الناس على أنه ابنه، وبأنه يرثه، ومن بعدها دعي زيد بن محمد، وبقي على هذه الحال حتى جاء الإسلام، وحينها تزوج زيد زينب بنت جحش، ومن ثم طلقها، فتزوجها الرسول صل الله عليه وسلم، فخرج المنافقون وقالوا: بأن الرسول تزوج زوجة ابنه والإسلام يحرم ذلك، فنزلت الآية التي تقول: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِنّ رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}، وقال تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ} فتوقف الناس عن أن يدعوه زيد بن محمد، وأصبحوا يدعونه زيد بن حارثة.

نبذة عن زيد بن الحارثة:

هو زيد بن حارثة بن شراحيل، ولد في عام ثلاثة وأربعون قبل الهجرة في الجزيرة العربية، وتوفي في العام الثامن من الهجرة في غزوة مؤتة.

المصدر: كتاب "تاريخ دمشق" تأليف ابن عساكركتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبةكتاب " الأغاني" تأليف أبو فرج الأصفهانيكتاب " البداية والنهاية" تأليف ابن كثير


شارك المقالة: