قصة قصيدة ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا:
أمّا عن مناسبة قصيدة “ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا” فيروى بأنه في يوم من الأيام خرج أعشى بن قيس بن ثعلبة، يريد أن يلقى الرسول صل الله عليه وسلم، لكي يعلن له إسلامه، وأنشد يمدحه:
أَلَم تَغتَمِض عَيناكَ لَيلَةَ أَرمَدا
وَعادَكَ ما عادَ السَليمَ المُسَهَّدا
وَما ذاكَ مِن عِشقِ النِساءِ وَإِنَّما
تَناسَيتَ قَبلَ اليَومَ خُلَّةَ مَهدَدا
وَلَكِن أَرى الدَهرَ الَّذي هُوَ خاتِرٌ
إِذا أَصلَحَت كَفّايَ عادَ فَأَفسَدا
شَبابٌ وَشَيبٌ وَاِفتِقارٌ وَثَروَةٌ
فَللَّهِ هَذا الدَهرُ كَيفَ تَرَدَّدا
وَما زِلتُ أَبغي المالَ مُذ أَنا يافِعٌ
وَليداً وَكَهلاً حينَ شِبتُ وَأَمرَدا
وَأَبتَذِلُ العيسَ المَراقيلَ تَغتَلي
مَسافَةَ ما بَينَ النَجيرِ فَصَرخَدا
فَإِن تَسأَلي عَنّي فَيا رُبَّ سائِلٍ
حَفِيٍّ عَنِ الأَعشى بِهِ حَيثُ أَصعَدا
أَلا أَيُّهَذا السائِلي أَينَ يَمَّمَت
فَإِنَّ لَها في أَهلِ يَثرِبَ مَوعِدا
فَأَمّا إِذا ما أَدلَجَت فَتَرى لَها
رَقيبَينِ جَدياً لا يَغيبُ وَفَرقَدا
وَفيها إِذا ما هَجَّرَت عَجرَفِيَّةٌ
إِذا خِلتَ حِرباءَ الظَهيرَةِ أَصيَدا
وعندما اقترب من الوصول إلى مكة المكرمة اعترضته جماعة من قريش، فسألوه عن خبره، فأخبرهم بأنّه أتى إلى مكة لكي يعلن إسلامه، فقال له أحدهم: هل تعلم بأنه يحرم الزنا؟، فقال له الأعشى: والله إن ذلك أمر مالي به حاجة، فقال له: إنّه يحرم الخمر، فقال له الأعشى: أمّا هذه فإنّ في نفسي منها علة، وسوف أعود إلى قومي لعام لعلها تذهب من نفسي، وأعود في العام القادم، فتوجه عائدًا إلى قومه، وتوفي في نفس العام من دون أن يعود إلى الرسول صل الله عليه وسلم، ومن دون ان يدخل الإسلام.
نبذة عن الشاعر الأعشى:
هو ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن عوف بن سعد بن ضبيعة، من بني قيس، خمسمائة وسبعون ميلادية في اليمامة بالقرب من نجد، ولد في عام وهو أحد شعراء العصر الجاهلي، ومن الطبقة الأولى من الشعراء، عاش عمرًا طويلًا وأدرك الإسلام، ولكنه لم يسلم، وفي أواخر أيامه عمي وذهب بصره.
شعره غزير، والمسالك فيه كثيرة، فكان يمدح ويهجو ويتغزل ويرثي، توفي في عام ستمائة وتسعة وعشرون ميلادية في اليمامة.