قصة قصيدة أمير المؤمنين إليك خضنا
أمّا عن مناسبة قصيدة “أمير المؤمنين إليك خضنا” فيروى بأن منصور النمري كان يسكن في الشام، وكان مقربًا من البرامكة، وفي يوم من الأيام كتب إليهم أن يذكروه عند أمير المؤمنين الخليفة هارون الرشيد، فما كان منهم إلا أن ذكروه في مجلس من مجالس الخليفة، ووصفوه له، فأحب أن يسمع ما عنده من شعر، فأمرهم أن يبعثوا له بكتاب، ويخبروه أن يحضر إلى مجلسه، فبعثوا له بالكتاب، وعندما وصله الكتاب، توجه إلى بغداد، ونزل عند البرامكة، فأخبروا الخليفة بخبر حضوره إلى المدينة، فأمرهم بأن يحضروه إلى مجلسه، فبعثوا برجل إليه، وأحضروه إلى مجلس الخليفة.
وكان مروان بن أبي حفصة في مجلس الخليفة، وقبل أن يدخل منصور النمري إلى مجلسه، قال مروان للخليفة: يا أمير المؤمنين، إنه من الشام، وأنا من أهل الحجاز، فكيف يكون أشعر مني، وعندما دخل، استنشده الخليفة، فأنشده قائلًا:
أَميرَ المؤمِنينَ إِلَيكَ خُضنا
غِمارَ المَوتِ مِن بَلَدٍ شَطيرِ
بِخوصٍ كالأَهِلَّةِ جانِفاتٍ
تَميلُ عَلى السُرى وَعَلى الهَجيرِ
حَمَلنَ إِلَيكَ آمالاً عِظاماً
وَمِثلَ الصَخرِ وَالدرِّ النَثيرِ
فَقَد وَقَفَ المَديحُ بِمُنتَهاهُ
وَغايَتِهِ وَصارَ إِلى المَصيرِ
إِلى مَن لا تُشيرُ إِلى سِواهُ
إِذا ذُكِرَ النَدى كَفُّ المُشيرِ
يَدٌ لَكَ في رِقابِ بَني عَليٍّ
وَمَنٌّ لَيسَ بالمَنِّ اليَسيرِ
مَنَتَ عَلى ابنِ عَبدِ اللَهِ يَحيى
وَكانَ مِنَ الحُتوفِ عَلى شَفيرِ
وَقَد سَخِطَت لِسَخطَتِكَ المَنايا
عَلَيهِ فَهيَ حائِمَةُ النسورِ
وَلَو كافأتَ ما اِجتَرَحَت يَداهُ
دَلَفتَ لَهُ بِقاصِمَةِ الظُهورِ
وَلَكِن حَلَّ حِلمُكَ واجتَباهُ
عَلى الهَفَواتِ عَفوٌ مِن قَديرِ
فَعادَ كَأَنَّهُ لَم يَجنِ ذَنباً
وَقَد كانَ اِجتَنى حَسَكَ الصُدورِ
فقال مروان بن أبي حفصة: والله إني قد وددت بأنه أخذ جائزتي، ولم يقل الشعر.
نبذة عن منصور النمري
أبو الفضل منصور بن سلمة بن الزبرقان النمري، وهو شاعر من شعراء العصر العباسي، وهو واحد من المجددين في الشعر في العصر العباسي، ولد في منطقة يقال لها رأس العين، وهي تقع في شمال الشام في سوريا، ونشأ وسكن فيها.
كان مقربًا من البرامكة، ومن الخليفة هارون الرشيد، وهو الذي قام بمدحه في العديد من قصائده.