قصة قصيدة أنا في حال تعالى الله
أمّا عن مناسبة قصيدة “أنا في حال تعالى الله” فيروى بأنّ أبو الشمقمق كان معتزلًا للناس، لا يختلط بهم إلا إذا اقتضت الحاجة إلى ذلك، وكان لا يخرج من بيته، وإذا أتاه أحد إلى باب بيته، وقف وراء الباب، ونظر من به، فإن لم يعجبه من كان اقفًا سكت ولم يجبه، وإن أعجبه فتح له واستقبله، وفي يوم من الأيام أتاه واحد من أصدقائه المقربون له، وقد كان أبو الشمقمق يحب مجالسته، فأدخله، وجلس معه، ولاحظ صديقه بأن حاله سيئة، فقال له: أبشر يا صديقي، فإنه قد وصلنا بعض أحاديث أنه من كان عاريًا في هذه الدنيا، هو من الكاسون يوم القيامة، فقال له أبو الشمقمق: والله إن كان ما تقول صحيح، فإني في يوم القيامة سأكون من أكثر الناس لبسًا للملابس، ثم أنشده قصيدة، قال فيه:
أَنا في حالٍ تَعالى الله
رَبّي أَيَّ حالِ
وَلَقَد أَهزَلتُ حَتّى
مَحَتِ الشَمسُ خَيالي
مَن رَأى شَيئاً محالاً
فَأَنا عَينُ المحالِ
لَيسَ لي شَيءٌ إِذا قيل
لِمَن ذا قُلتُ ذا لي
وَلَقَد أَفلَستُ حَتّى
حَلَّ أَكلي لِعِيالي
في حَر أَم الناسِ طراً
مِن نِساءٍ وَرِجالِ
لَو أَرى في الناسِ حُرّاً
لَم تَكُن في ذا المِثالِ
نبذة عن الشاعر أبو الشمقمق
مروان بن محمد، يكنى بأبي الشمقمق، ولد في عام مائة واثنا عشر للهجرة في البصرة أصله من بخاري، من الشعراء الموالين لبني أمية، اشتهر بشعر الهجاء، له العديد من القصائد في هجاء يحيى البرمكي وغيره.
عاصر العديد من الشعراء كأبي العتاهية، وأبي نواس، ومروان بن أبي حفصة، وغيرهم من الشعراء، لقب بأبي الشمقمق بسبب طوله، كان شكله قبيح وأنفه كبير.
انتقل إلى بغداد وعاش فيها، وكان ذلك في فترة خلافة الخليفة هارون الرشيد، وكان كثير الهزل، ولكن حينما يجد يكثر في جده، من أشهر قصائده قصيدة وصف فيها بيته في البصرة، قال فيها:
بَرَزَت مِنَ المَنازِلِ القِباب
فَلَم يَعسِر عَلى أَحَدٍ حِجابي
فَمَنزِلي الفَضاءُ وَسَقفُ بَيتي
سَماءُ اللَهِ أَو قطعِ السَحابِ
فَأَنتَ إِذا أَرَدتَ دَخَلتَ بَيتي
عَلَيَّ مُسلِماً مِن غَيرِ بابِ