نبذة عن الشاعر النابغة الذبياني:
هو زياد بن معاوية بن ضباب بن جابر بن يربوع بن غيظ بن مرة بن عوف، من أشهر شعراء الجاهلية، وواحد من أصحاب المعلقات، ولد في العام التاسع والثمانون قبل الهجرة في ديار غطفان، وتوفي في العام الثامن عشر قبل الهجرة في نجد.
قصة قصيدة أنبئت أن أبا قابوس أوعدني:
أما عن مناسبة قصيدة “أنبئت أن أبا قابوس أوعدني”، فيروى بأن النابغة الذبياني في يوم رأى زوجة النعمان بن المنذر، فأعجب بها وقال فيها قصيدة مشهورة، وعنما وصل خبر تلك القصيدة إلى الملك النعمان، وعلم بسبب قولها طلب رأس النابغة، وعندما علم النابغة بأن رأسه مطلوبة هرب إلى الغساسنة، وبقي عندهم مدة من الزمن، وبينما هو عندهم اجتهد في ذكر مفاخرهم وانتصاراتهم في حروبهم، وكان يشاركهم في مجالسهم ومناسباتهم.
وكان النعمان بن المنذر يسمع بالشعر الذي يقوله النابغة الذبياني في الغساسنة، فحسدهم عليه، وهم أعدائه، فبعث إليه كتابًا قال له فيه: إنك قد ذهبت إلى قوم قاموا بقتل جدي، وعشت بينهم وجعلت تمدحهم، ولو أنك ذهبت إلى قومك لأصبحوا لك حصنًا وسدًا مني إن كنت أريد أن أفعل بك ما قد ظننت، ومن ثم طلب منه أن يعود إليه.
وهكذا عاد النابغة الذبياني إلى النعمان بن المنذر، وكان معه رجلين وهما زيان بن سيار وأخاه منظور، وكان بينهما وبين الملك مودة وقربًا، فاستقبلهما النعمان ولم يكن يعرف بأن النابغة الذبياني قد أتى معهما، وكان النابغة عندما وصل إلى القصر ذهب إلى إحدى الجواري التي كانت تجيد الغناء، وأنشد عليها أبياتًا قال فيها:
أُنبِئتُ أَنَّ أَبا قابوسَ أَوعَدَني
وَلا قَرارَ عَلى زَأرٍ مِنَ الأَسَدِ
مَهلاً فِداءٌ لَكَ الأَقوامُ كُلُّهُمُ
وَما أُثَمَّرُ مِن مالٍ وَمِن وَلَدِ
لا تَقذِفَنّي بِرُكنٍ لا كِفاءَ لَهُ
وَإِن تَأَثَّفَكَ الأَعداءُ بِالرِفَدِ
فَما الفُراتُ إِذا هَبَّ الرِياحُ لَهُ
تَرمي أَواذِيُّهُ العِبرَينِ بِالزَبَدِ
يَمُدُّهُ كُلُّ وادٍ مُترَعٍ لَجِبٍ
فيهِ رِكامٌ مِنَ اليَنبوتِ وَالخَضَدِ
يَظَلُ مِن خَوفِهِ المَلّاحُ مُعتَصِماً
بِالخَيزُرانَةِ بَعدَ الأَينِ وَالنَجَدِ
يَوماً بِأَجوَدَ مِنهُ سَيبَ نافِلَةٍ
وَلا يَحولُ عَطاءُ اليَومِ دونَ غَدِ
هَذا الثَناءُ فَإِن تَسمَع بِهِ حَسَناً
فَلَم أُعَرِّض أَبَيتَ اللَعنَ بِالصَفَدِ
وطلب منها أن .تدخل إلى النعمان بن المنذر وتنشده هذه الأبيات، وعندما دخلت وأنشدته أبيات النابغة، قال: هذا شعر النابغة، وطلب من الرجلين اللذان قدما معه أن يقوما ويحضرانه، وأخبرهما بأن عليه الأمان، وهكذا استرجع النابغة مكانته عند النعمان.