نقص عليكم اليوم خبر رجل من العصر العباسي يقال له خصيب، كان يعمل في الحمام، وولاه الخليفة أمر مصر، ومن ثم غضب عليه وعاقبه.
من هو أبو نواس؟
هو أبو علي الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن الصباح الحكمي المذحجي، شاعر من شعراء العصر العباسي، من أهل بغداد.
قصة قصيدة أنت الخصيب وهذه مصر
أما عن مناسبة قصيدة “أنت الخصيب وهذه مصر” فيروى بأن أحد الخلفاء العباسيين غضب على أهل مصر غصبًا شديدًا، فقرر أن يولي عليهم أحقر رجاله وأقلهم شأنًا، وكان يريد من ذلك إذلالهم، وكان عنده رجل يقال له خصيب، وكان خصيب يتولى تسخين الحمام، فأحضره الخليفة، وأمر رجاله أن يلبسوه أفضل الملابس، ومن ثم بعث به إلى مصر، وعندما وصل إلى مصر واستقر في الحكم سار في أهلها أحسن سيرة، واشتهر عندهم بالكرم والإيثار، فأصبح أقارب الخلفاء زكبار القوم في مصر يقصدونه فيجزل عليهم، وعندما يعودون إلى بغداد يشكرون فيه ويمدحونه، وعندما سمع الخليفة كل ذلك المدح والشكر فيه غضب منه، وأمر بأن تفقأ عيناه ويرمى في أسواق بغداد.
فخرج الجند إلى مصر لكي يفعلوا كما أمرهم الخليفة، وكان معه ياقوتة فخبأها في ثوبه وخاط الثوب عليها، فأتى الجند وفقأوا له عيناه، وأعادوه إلى بغداد ورموه في سوقها، وبينما هو في السوق أتاه أبو نواس، وقال له: لقد قصدتك في مصر، وأردت مدحك بقصيدة، ووافق ذلك عودتك إلى بغداد، وأريدك أن تسكعها، فقال له: كيف أسمعها وأنا لا أملك ما أعطيك؟ فقال له أبو نواس: أريدك أن تسمعها، ولا أريد لقائها شيئًا، فأنت قد أجزلت على الناس جزالك الله خيرًا، فقال له: هات أسمعني، فأخذ أبو نواس ينشد قائلًا:
أَنتَ الخَصيبُ وَهَذِهِ مِصرُ
فَتَدَفَّقا فَكِلاكُما بَحرُ
يمدح الشاعر الخصيب ويقول له بأنه هو ونهر النيل في مصر سواء، فكلاهما يتدفق، وكلاهما بحر.
لا تَقعُدا بِيَ عَن مَدى أَمَلي
شَيئاً فَما لَكُما بِهِ عُذرُ
وَيَحِقُّ لي إِذ صِرتُ بَينَكُما
لا يَحِلَّ بِساحَتي فَقرُ
النيلُ يُنعِشُ مائُهُ مِصراً
وَنَداكَ يُنعِشُ أَهلَهُ الغَمرُ
وعندما انتهى أبو نواس أخرج خصيب الياقوتة من ثوبه وأعطاه إياها، ولكن أبو نواس رفض أن يأخذها، فأقسم عليه إلا أن يأخذها، فأخذها وتوجه بها إلى سوق الجواهريين، وعرضها للبيع، فأخبروه بأنها لا تصلح سوى للخليفة، فأخذها إلى الخليفة، وقص عليه خبرها، فندم الخليفة على ما فعل لخصيب، وأحضره وأكرمه وأجزل عطاءه.
الخلاصة من قصة القصيدة: غضب خليفة على أهل مصر فولى عليهم خصيب، ولكن خصيب أكرمهم وكان على غير ما توقع الخليفة، فغضب منه الخليفة وفقأ له عينيه، ورماه في سوق بغداد.