قصة قصيدة أنخت بآطام المدينة أربعا:
أمّا عن مناسبة قصيدة “أنخت بآطام المدينة أربعا” فيروى بانه في يوم وفد جماعة من طيء إلى رسول الله صل الله عليه وسلم، وكان فيهم وزر بن سدوس النبهاني، وقبيصة بن الأسود، ومالك بن جبير، وعندما وصلوا إلى المدينة المنورة، توجهوا نحو المسجد النبوي، ودخلوا وأناخوا جمالهم وأحصنتهم على باب المسجد، ودخلوا، وكان وقتها الرسول يخطب في الناس، وعندما رآهم، قال: إنِّي خيْرٌ لكم من العُزَّى، وممَّا حازَت مَنَاع، من كلِّ ضار غير يفاع، ومن الجبَل الأسود الذي تَعْبدونه من دون الله – عزَّ وجلَّ.
وعندما سمع ذلك زيد الخيل، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنّك رسول الله، فقال له الرسول: ومن أنت؟، فقال له: إنِّي أنا زيد الخيل بن المهلهل، فقال له الرسول: بل أنت زيد الخير، ثم قال: “الحمد لله الذي جَاء بِك مِن سهْلِك وجبَلِك، ورقَّق قلْبَك على الإسلام، يا زيدُ، ما وُصِف لي رجل قطُّ فرأيتُه إلاَّ كان دُون ما وُصِف به، إلاَّ أنت؛ فإنَّك فوْقَ ما قِيل فيك”.
وعندما خرج زيد من عند الرسول صل الله عليه وسلم، قال الرسول: أَيُّ رجُل إنْ سَلِم من آطام المدينة، ومن بعدها أصيب زيد بالحمى، فأنشد قائلًا:
أَنَخْتُ بِآطَامِ الْمَدِينَةِ أَرْبَعًا
وَخَمْسًا يُغَنِّي فَوْقَهَا اللَّيْلَ طِائِرُ
شَدَدْتُ عَلَيْهَا رَحْلَهَا وَشَلِيلَهَا
مِنَ الدَّرْسِ وَالشَّعْرَاءِ وَالبَطْنُ ضَامِرُ
وبقي سبعة أيام وهو محموم، ومن ثم اشتدت عليه الحمى، فخرج من من غرفته، وكان يريد العودة إلى دياره، فقال لمن كان معه: خذوني إلى دياري، ولكن جنبوني بلاد قيس، فقد كان بيني وبينهم غزوات قبل أن أسلم، وإني لا أريد أن أقاتل مسلم قبل أن أموت، فحملوه وعادوا به إلى دياره، وفي الطريق نزلوا بماء لحي من أحياء طيء يدعى فردة، وهنالك اشتد مرضه، فأنشد قائلًا:
أَمُرْتَحِلٌ صَحْبِي الْمَشَارِقَ غُدْوَةً
وَأُتْرَكُ فِي بَيْتٍ بِفَرْدَةَ مُنْجدِ
سَقَى اللهُ مَا بَيْنَ القَفِيلِ فَطَابَةٍ
فَمَا دُونَ أَرْمَامٍ فَمَا فَوْقَ مُنْشِدِ
هُنَالِكَ لَوْ أَنِّي مَرِضْتُ لَعَادَنِي
عَوَائِدُ مَنْ لَمْ يُشْفَ مِنْهُنَّ يَجْهَدِ
نبذة عن زيد الخير:
هو زيد الخير ويعرف باسم زيد الخيل هو زيد بن مهلهل، توفي في العام العاشر للهجرة في حائل.