قصة قصيدة أو لون حاجي من خرسان ومن
أمّا عن مناسبة قصيدة “أو لون حاجي من خرسان ومن” فيروى بأن الرئيس أبو بكر قد قال في يوم من الأيام يصف كيف كان الناس في وقته مقارنة بالأيام التي يعيشها الآن: فيما مضى فقد كان الوزراء والأعيان عالمون، أصحاب خلق، أما في هذه الأيام فإننا قد وصلنا إلى الزمان الخرف، وفي هذا الزمان فلا يوجد فضل في أهله، ولا يوجد فيهم إفضال، ومثال ذلك أنني قد دعيت في يوم من الأيام إلى مجلس وزير الري، وهو أبو العلاء اللنكي، فخرجت من بغداد، وتوجهت إليه، وعندما اقتربت من المدينة، خرج لي ومعه حشد كبير من الناس، لكي يستقبلني، وعندما وصلت إليه، أخذني، وأصبح يريني الحال العظيمة التي وصلت له المدينة بفضل وزارته، وأنا الذي رأيت حالها من قبله.
ومن ثم أكمل قائلًا: ومن ثم توجهت أنا والوزير أبي العلاء بن حسوك إلى مجلس الأنس، فدخلنا إليه، وجلسنا عنده، فقد لنا الخمر، وأخذت منه، وبدأنا نشرب، وبينما نحن جالسون تذكر الأنس قصة أبي الفضل بن العميد مع عمي، فأمر بإحضار ورقة وقلم، وأخذ يكتب على هذه الورقة، حتى نزل العرق من جبينه، ولطخ الدرج الذي كان يكتب عليه، ومن بعد أن انتهى من الكتابة، التفت إلينا، وأخذ ينشد قائلًا:
كأنها لون فتىً عاشقٍ
من برده قد لبس المخملا
ومن ثم أكمل قائلًا: فنظر إلى أبو العلاء بن حسوك، واقترب مني، وقال لي سرًا: لابد لي من أن أجيز هذا البيت بما يشابه أقوال الوزراء، حتى لو أنه قام بعزلي عن عملي، وقطع عني رزقي، ثم اقترب منه، وقال له، وكأنه يصل كلامه، قائلًا:
أو لون حاجي من خرسان ومن
إسهاله قد ركب المحملا
ومن ثم أكمل قائلًا: فتوهم الوزير أنه قد كان جادًا، وأخذ يحرك رأسه من الفرح لهذه الإجازة، ومتعجبًا من سرعة بديهة أبي العلاء، فأخذت أنا وأبي العلاء نضحك حتى تهتكت أجسامنا، فانتبه إلى سخريتنا منه، فظهرت منه علامات الغضب، فخرجنا منصرفين إشفاقًا منا على حاله، وخوفًا من غب ينزل علينا.
نبذة عن أبي العلاء بن حسوك
هو أبو العلاء بن حسوك، وزير في إقليم الري، لم يذكره التاريخ.