قصة قصيدة إذا جن ليلى فاضت العين أدمعا
أمّا عن مناسبة قصيدة “إذا جن ليلى فاضت العين أدمعا” فيروى بأن عمرو بن الكعب بن النعمان بن ماء السماء كان ما زال صغيرًا عندما مات أبوه، فكفله جده، ولكنه عندما زهد في الملك ضاع أمر عمرو، فأخذه عمه، وكان عند عمه ابنة يقال لها العقيلة، وكانت العقيلة من أجمل فتيات العرب في ذلك الزمن، وكانت من أعرفهن بالأدب وأحوال العرب، وبسبب ذلك كله تعلق قلبه بها، ووقع في حبها، وأخذ غرامه لها يزداد شيئًا فشيئًا، فذهب إلى أبيها وطلبها للزواج، ولكن عمه طلب منه مهرًا لم يستطع دفعه، فشار عليه بعضًا من أصدقائه بأن يتوجه إلى ابن ملك الفرس كسرى، بسبب ما كان بين أجدادهم من علاقة وثيقة.
فخرج متوجهًا إليه، وبينما هو في طريقه، مر بعراف، ونام عنده في تلك الليلة، وبينما هما جالسين سأل العراف عن الخبر، فأخبره فأخبره العراف بأن ذهابه إلى ابن ملك الفرس لن يحقق له شيئًا، فعاد إلى القوم، وعندما وصل وجد بأن أباها قد زوجها من رجل من بني فزارة، فهام على وجهه إلى اليمامة.
وكانت العقيلة تحبه أضعاف ما كان يحبها، فكانت إذا أتى الليل باتت في غرفة منفصلة عن الغرفة التي ينام بها، فإذا أتى الصباح عادت إلى الغرفة التي هو فيها، وكان يستحيي أن يخبر أحدًا بذلك، وبقي على هذه الحال ما يزيد عن الشهرين، وبدأ خبره مع زوجته ينتشر بين أهل الحي، فبدأوا يوبخونه، فخرج لا يعرف أين يذهب، وعادت هي إلى بيت أبيها، وكانت لا تأكل إلا القليل من الطعام، وهي تبكي على عمرو.
وفي يوم من الأيام مرض عمرو مرضًا شديدًا، كاد أن يقتله، فكانوا لا يرونه إلا وهو ينظر إلى السماء منذ العشاء إلى الصباح، وهو ينشد قائلًا:
إذا جن ليلى فاضت العين أدمعا
على الخد كالغدران أو كالسحائب
أودّ طلوع الفجر والليل قائل
لقد شدت الأفلاك بعد الكواكب
فما أسفي إلا على ذوب مهجتي
ولم أدر يوماً كيف حال الحبائب
وبعد عدة أيام دخل عليه صديقه فوجده يضحك، فسأله فقال:
لقد حدثتني النفس أن سوف نلتقي
ويبدل بعد بيننا بتداني
فقد آن للدهر الخؤون بانه
لتأليف ما قد كان يلتثمان
ثم شهق شهقة فمات.
نبذة عن عمرو بن الكعب
هو عمرو بن الكعب بن النعمان بن ماء السماء، من شعراء العرب في العصر الجاهلي.