قصة قصيدة إذا خرج الإمام من الدواء
أمّا عن مناسبة قصيدة “إذا خرج الإمام من الدواء” بأن الخليفة العباسي المتوكل على الله مرض في يوم من الأيام، ولكي يبرى مما له من سقم وصف له الأطباء دواء يشربه، فأخذ الدواء وشرب منه، ودخل عليه أهل المدينة يهدونه أنواع الهدايا وطرائف التحف، وكان ممن أهدوه رجل يقال له الفتح بن خاقان، إذ دخل الفتح إلى مجلسه، ومعه جارية بكر شديدة الجمال، وكانت من أحسن نساء ذلك الزمان حسنًا وأدبًا، ووضع معها إناء فيه شراب أحمر اللون، ومعه كأس لونها حمراء، وكتب له في كتاب أبياتًا من الشعر، وأعطى الجارية ذلك الكتاب، وأمرها أن تعطيه للخليفة قبل أن تعطيه الإناء والكأس، ويقرأ ما فيه، وكانت أبيات الشعر تقول:
إذا خرج الإمام من الدواء
وأعقب بالسلامة والشفاء
فليس له دواء غير شرب
بهذا الجام من هذا الطلاء
وفض الخاتم المخ-هدي إليه
فهذا صالح بعد الدواء
وعندما تقدمت الجارية، واقتربت من الخليفة، كان جالس بجانبه أحد أطباء المدينة يقال له يوحنا الطبيب، وعندما رأى يوحنا هذه الأبيات، أخذ يتبسم، ومن ثم التفت إلى الخليفة، وقال له: هل تسمح لي يا مولاي بالكلام؟، فقال له الخليفة: هات، قل ما عندك، فقال له الطبيب: والله يا أمير المؤمنين، إن مولى هذه الجارية أعرف مني في صنع الدواء، فلا يجدر بك يا مولاي أن تخالفه فيما وصف لك من دواء، فقبل الخليفة برأي يوحنا الطبيب، وأخذ الكأس من الجارية، وشرب ما فيه على ما جاء في الأبيات المضمنة معه، فشفي مما كان فيه، وحقق ما كان يرجو.
نبذة عن الفتح بن خاقان
أبو محمد الفتح بن أحمد بن غرطوج، وهو وزير وأديب وشاعر في الدولة العباسية، وهو من أصول فارسية، ولد في مدين بغداد في العراق، عينه الخليفة المتوكل أميرًا على دولة مصر، وكان نائبًا له، وكان الخليفة المتوكل يعده أخ له، وكان يقدمه على جميع أولاده وأهله.
اشتهر بدوره في إخماد الفتنة التي كانت بين فروع قبيلة تغلب العربية عام مائتان وثلاث وأربعين للهجرة، حينما وكله المتوكل بفعل ذلك.