قصة قصيدة إذا كانت بطون الأرض كنفا
أمّا عن مناسبة قصيدة “إذا كانت بطون الأرض كنفا” فيروى بأن الشاعر أبو محمد الهمداني قرر في يوم من الأيام السفر إلى بغداد، وكان سبب سفره أن يلتقي بابن الشلمغاني، ويمدحه بأبيات من الشعر، فيجزل عليه من العطايا، وبالفعل خرج بعد ذلك بعدة أيام من صنعاء، وتوجه إلى بغداد، وعندما وصل إلى هنالك، توجه إلى مجلس ابن الشلمغاني، واستأذن للدخول عليه، فأذن له، وعندما دخل إلى المجلس، ووقف بين يديه، مدحه بقصيدة كان قد جودها، وتأنق بها، وعلى الرغم من جودة القصيدة وأناقتها إلا أن ابن الشلمغاني لم يحفل بها، ولم يعط الهمداني أي شيء لقاء تلك القصيدة، وهكذا خرج الهمداني من مجلس ابن الشلمغاني من دون أن يصيب ما أراد.
وبعد أن خرج الهمداني من مجلس ابن الشلمغاني أراد أن يخرج من العراق، ويتوجه عائدًا إلى اليمن، ولكنه قرر في النهاية أن يبقى هنالك، ويعود إلى مجلس ابن الشلمغاني حتى ينال منه الجائزة التي يريدها، وهكذا أصبح الهمداني يتكرر إلى مجلس ابن الشلمغاني كل يوم، ويبقى في مجلسه حتى يغادر كل الناس من المجلس، وكان يمدحه كثيرًا، ولكن كل ذلك من دون أي فائدة تعود عليه.
وفي يوم من الأيام، دخل الهمداني إلى مجلس ابن الشلمغاني، وكان يومها الناس محتشدون عنده، وبينما هم جالسون، وقف أحد الشعراء، وأخذ ينشد قصيدة يمدحه فيها، فاستمع إليه الهمداني حتى وصل إلى بيت قال فيه:
فليت الأرض كانت مادرايا
وليت الناس آل الشلمغاني
فخطر له في ذلك الوقت بيتًا من الشعر، وقامه مسرعًا، وأنشد قائلًا:
إذا كانت بطون الأرض كنفاً
وكل الناس أولاد الزواني
فضحك ابن الشلمغاني، وأمر الهمداني بالجلوس، ومن ثم قال له: لقد احوجتك لمثل هذا، ومن ثم أمر له بجائزة، فشكره الهمداني، وأخذ جائزته، وخرج عائدًا إلى اليمن.
نبذة عن الهمداني
أبو محمد الحسن بن أحمد بن يعقوب بن يوسف بن داود بن سليمان الأرحبي البكيلي الهمداني، شاعر من شعراء اليمن، كما أنه كان عالمًا من علمائها، ولد في مدينة صنعاء مائتان وثمانون للهجرة، وتوفي فيها في عام ثلاثمائة وستة وثلاثون للهجرة.