قصة قصيدة إني إذا ما لم تصلني خلتي:
أمّا عن مناسبة قصيدة “إني إذا ما لم تصلني خلتي” فيروى بأنّه في يوم من الأيام دخل عدي بن الرقاع إلى قصير الخليفة الوليد بن عبد الملك بن مروان، واستأذن للدخول إلى مجلسه، فدخل خادم الخليفة، وأخبره بأنّ أحدهم على الباب يريد لقاءه، فأمره بأن يدخله، فخرج إليه وأدخله، وعندما دخل عليه، ووقف بين يديه، وسلم عليه بسلام من أفضل ما يكون، سأله الخليفة عن نسبه، فانتسب له، ومن ثم أنشده قصيدة يتغزل به فيها، ويفتخر به وبإنجازاته، قائلًا:
إني إذا ما لم تصلني خلّتي
و تباعدت عني اغتفرت بعادها
و إذا القرينة لم تزل في نجدة
من ضغنها سئم القرين قيادها
إمّا تري شيبي تفشّغ لمّتي
حتى علا وضح يلوح سوادها
حتى وصل إلى قوله:
و عمرت أرض المسلمين فأقبلت
و نفيت عنها من يريد فسادها
كميت إذا شجّت، و في الكأس وردة
لها في عظام الشاربين دبيب
تريك القذى من دونها، و هي دونه
لوجه أخيها في الإناء قطوب
و ممّا شجاني أنني كنت نائما
.أعلّل من برد الكرى بالتنسّم
إلى أن بكت ورقاء في غصن أيكة
تردّد مبكاها بحسن الترنّم
فلو قبل مبكاها بكيت صبابة
بسعدى شفيت النفس قبل التندّم
و لكن بكت قبلي فهاج لي البكا
بكاها، فقلت: الفضل للمتقدّم
نبذة عن عدي بن الرقاع
هو أبو دؤاد عديّ بن زيد بن مالك بن عديّ بن الرقاع من بني معاوية بن الحارث من بني الحارث بن مرة بن أدد.
من أهل دمشق يتردد على مجالس حكام بني أميّة ومنهم الوليد بن عبد الملك خاصّة. و في يوم وهو في مجلس الوليد تعرّض لهجاء جرير فأفحمه جرير ، مع أنه كان مشهورا بالهجاء . غير أنّ الوليد هدّد جريرا إن هو عاد إلى هجاءه، فعرّض جرير به في عدد من قصائده، و لكن لم يهجه صراحة.
اشتهر بشعر المديح و الهجاء، و له شعر بارع في وصف الحمامة . و كذلك له شعر في الفخر و الخمر و الحكمة.