قصة قصيدة إني امرؤ لا يطبي نسبي:
أمّا عن مناسبة قصيدة “إني امرؤ لا يطبي نسبي” فيروى بأنه في يوم من الأيام وبينما كان العباس بن الأحنف في مجلسه، وعنده عدد من الرجال، وكانوا يتبادلون أطراف الحديث، وبينما هم كذلك، قام أحدهم وسأله قائلًا: مِن مَن تعلمت الحلم؟، فقال له: لقد تعلمته من قيس بن عاصم المنقري، فقال له الرجل: وكيف ذلك؟، فقال له: لقد كنت في يوم جالس عنده في فناء بيته، وكان وقتها يحدث القوم، وسيفه على جنبه، فأتاه رجل مربوط، ورجل مقتول، وقيل له: إن هذا ابن أخاك قد قام بقتل ابنك، فوالله إنه لم يقم بقطع كلامه، ولم يقم من مكانه، ولم يبد عليه الحزن.
وعندما أتم حديثه للقوم، التفت إلى ابن أخيه، وقال له: يا ابن أخي، والله إنّ ما فعلت لهو فعل آثم، لقد كفرت بربك، ورميت أهلك بسهمك، وأشمت عدوك فيك، ونقصت من عزوتك، عندما قتلت ابن عمك، ومن ثم التفت إلى ابن به، وقال له: قم ودار أخاك، وحل الرباط عن ابن عمك، وخذ إلى أمك مائة من الإبل دية ابنها، فإنها غريبة عندنا، وبعد أن دفنوا ابنه أنشد قائلًا:
إِنِّي امْرُؤٌ لاَ يَطَّبَى حَسَبِي
دَنَسٌ يُهَجِّنُهُ وَلاَ أَفْنُ
مِنْ مِنْقَرٍ فِي بَيْتِ مَكْرُمَةٍ
وَالْغُصْنُ يَنْبُتُ حَوْلَهُ الْغُصْنُ
خُطَبَاءُ حِينَ يَقُولُ قَائِلُهُمْ
بِيضُ الْوُجُوهِ مَصَاقِعٌ لُسْنُ
لاَ يَفْطِنُونُ لِعَيْبِ جَارِهُمُ
وَهُمُ لِحِفْظِ جِوَارِهِ فُطْنُ
نبذة عن قيس بن عاصم المنقري:
هو قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقر التميمي، أحد صحابة الرسول صل الله عليه وسلم، وكان واحدًا من سادات العرب وأشرافهم، صحابي جليل ومن سادات العرب وأشرافهم.
أتى إلى الرسول صل الله عليه وسلم في السنة التاسعة من الهجرة، وكان وقتها في وفد من بني تميم، فأكرمه الرسول، وقال فيه: “هذا سيد أهل الوبر”.
كان شاعرًا وفارسًاشجاعًا حليمًا كثير الغارات، وكان يظفر في غزواته، أدرك الجاهلية والإسلام، وحينما أسلم حسن إسلامه، وروى الحديث عن الرسول، وعمر من بعده.