نبذة عن الشاعر أبو نواس:
هو أبو نواس أو الحسن بن هانئ الحكمي، وهو واحد من أشهر شعراء الدولة العباسية، ولد في عام سبعمائة وستة وخمسون في الأحواز، وتوفي في عام ثمانمائة وأربعة عشر في بغداد.
قصة قصيدة إني حممت ولم أشعر بحماكا:
أما عن مناسبة قصيدة “إني حممت ولم أشعر بحماكا”، فيروى بأن الشاعر أبو نواس في يوم رأى جارية يقال لها عنان، وفي اللحظة التي رآها فيها أحبها حبًا كبيرًا، وشغف بها، ومنذ يومها أصبح يقول فيها الأشعار، وفي يوم من الأيام مرضت مرضًا شديدًا، وبسبب هذا المرض لم تستطع الخروج من منزلها، أو حتى القيام من سريرها، فانقطعت أخبارها عن أبي نواس، ولم يكن يعرف بأنها مريضة، فمرض هو الآخر، ولبث أيامًا في منزله لا يخرج منه، فذهب إليه بعضًا من أصدقائه يزورونه، فجلسوا معه، وسألهم قائلًا: من أين أتيتم؟، فقالوا له: لقد ذهبنا إلى عنان نزورها، ومن ثم أتيناك، فقال لهم: هل هي مريضة؟، فقالوا له: نعم، ولكنها قد شفيت.
فقال لهم أبو نواس: والله إني قد مرضت، ولم أكن أعلم سبب مرضي، غير أني قد ظننت بأن المرض قد نال من أحد من أحبابي، وقد وجدت في هذا اليوم أني قد تحسنت، فقلت في نفسي: لعل الله قد شفاه قبل أن يشفيني، ثم طلب من أحد الغلمان أن يحضر له ورقة، وكتب إلى عنان قائلًا:
إِنّي حُمِمتُ وَلَم أَشعُر بِحُمّاكا
حَتّى تَحَدَّثَ عُوّادي بِشَكواكا
فَقُلتُ ما كانَتِ الحُمّى لِتَعهَدَني
مِن غَيرِ ما عِلَّةٍ إِلّا لِحُمّاكا
وَخَصلَةٍ هِيَ أَيضاً يُستَدَلُّ بِها
عافانِيَ اللَهُ مِنها حينَ عافاكا
أَمّا إِذا اِتَّفَقَت نَفسي وَنَفسُكَ في
هَذا وَذاكَ وَفي هَذا وَفي ذاكا
فَكُن لَنا رَحمَةً نَفسي فِداكَ وَلا
تَكُن خِلافاً لِما ذو العَرشِ سَمّاكا
فَقَد عَلِمتَ يَقيناً أَو سَتَعلَمُهُ
صَنيعَ حُبِّكَ في قَلبي وَذِكراكا
وفي يوم حصل خلاف بينهما، فبعثت عنان له قائلة:
يا نواسيُّ يا نفايةَ خلقِ اللَهِ
قد نلتَ بي سناءً وفَخرا
مُت إذا شئت قد ذكرتُك في الشعرِ
وجرّر اذيالَ ثوبكَ كِبرا
رُبَّ ذي خُلَّةٍ تنسَّمَ لِقططِكَ
سلحاً ونالَ عُرّاً وشَرّا
ونديمٍ سقاكَ كأساً من الخمرِ
فأفضَلتَ في الزجاجَةِ جعرا