القاضي هو المكلف بالعدل بين الناس، ولا يوجد أسوأ من قاضٍ ظالم ومرتشي، وهنالك العديد من القضاة الذين اشتهروا بظلمهم، ومنهم القاضي عبد الرحمن العمري الذي احتكم إليه بني مراد وبني يحصب، واليوم نقص عليكم قصتهم.
من هو يحيى الخولاني؟
هو يحيى الخولاني، شاعر من شعراء مصر في العصر العباسي.
قصة قصيدة إن كان مهر أخي زوف أفات به
أما عن مناسبة قصيدة “إن كان مهر أخي زوف أفات به” فيروى بأن قبيلة مراد كان عندهم فرس شديدة الجمال، وكانت كل القبيلة تفخر بهذه الفرس، وكانت تدعى الزعفران، وفي يوم من الأيام، وهو يوم يقال له يوم الرهان، حيث كانت الخيول تخرج فتتسابق، وفي هذا اليوم أخرج بني مراد فرسهم، وقامت قبيلة أخرى يقال لها قبيلة يحصب بإخراج فرس من عندهم يقال لها الجناح، واتفقت القبيلتان على أن تتسابق الفرسان، وعلى أن يأخذ الفائز في ها السباق فرس الخاسر، كما واتفقوا على مسافة السباق.
فخرجت القبيلتان ومعهما عامة أهل مصر، ووقفوا في المكان المخصص للسباق، وانطلقت الفرسان، وكانت الزعفران متقدمة طوال المسافة، وحينما كادت أن تصل إلى خط النهاية خرج رجل من قبيلة يحصب وضربها على وجهها، فتحيرت الفرس، وسبقتها فرس قبيلة يحصب للوصول إلى خط النهاية، وعندما رأى أهل قبيلة مراد ذلك غضبوا غضبًا شديدًا، واستلوا سيوفهم، وتقاتلوا مع أهل يحصب قتالًا شديدًا، واستمروا في القتال، فخرج إليهم الأمير ليث بن فضل إليهم، وأوقف القتال الدائر بينهم، وأحال أمرهم إلى القضاء.
فاحتكم الطرفان إلى القاضي عبد الرحمن العمري، وكان هذا القاضي معروفًا بأنه يأخذ الرشوة، فأعطاه أهل يحصب أموالًا كثيرة، فحكم لهم، وأعطاهم الزعفران، ولم يقبل أهل مراد بلك، فبقي النزاع قائمًا فيما بينهم حتى ولي القاضي البكري القضاء، فحكم برد الفرس إليهم، فأنشد العديد من الشعراء قصائدًا في قصة هذه الواقعة، وكان العديد منهم قد أخوا هذه الواقعة لهجاء القاضي الذي كان مكروهًا عند أهل مصر، ومن هؤلاء الشعراء الشاعر يحيى الخولاني الذي أنشد قائلًا:
إن كان مَهْر أخي زَوْفٍ أَفاتَ به
ريبُ الزمان عليه جور زنديق
فكم يد لبني زوف وإخوتهم
في آل فهر تغص الشيخ بالريق
إنْ حاكمٌ عمريٌّ جار في فرس
فسوف يُرجعه عدل ابن صَدِّيق
يهجو الشاعر في هذا البيت القاضي العمري ويقول بأنه قد ظلم بني مراد عندما حكم بالفرس لبني يخصب، واستمر ظلمه حتى أعاد القاضي البكري الفرس إلى أصحابها.
فرد عليه عبد الله بن بجيرة المؤيد للقاضي العمري قائلًا:
طَلَبْتَ فما نلت حسن الطلب
ورمت عظيمًا ولما تصب
وعوَّلت موتًا على رميهم
بقوس الضلال ونبل الكذب
فإن كان في فرس عُتْبُكم
فعندي لكم فرس من قصب
وإلا فمهر كريم النجار
قليل العظام كثير العصب
فرد عليه يحيى:
ألا أيها الشاعر المنتدب
يحامي عن العمري العطب
ورامي مراد وخولانها بنبل
من الجهل غير الصيب
لعمرك، ما أنقص العمري
من الناس إلا كريم الحسب
ملا الأرض جورًا بأحكامه
وأظهر فيها جميع الريب
الخلاصة من قصة القصيدة: استبقت فرس لبني مراد مع فرس لبني يحصب، وعندما كادت فرس بني مراد أن تفوز، خرج إليها رجل من بني يحصب وضربها، فتغلبت عليها فرس بني يحصب، فاحتكم الطرفان إلى القاضي العمري الي حكم لبني يحصب، فاستمر العداء حتى حكم القاضي البكري برد الفرس إلى أصحابها.