قصة قصيدة إﻥ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺿﻴﻪ ﺳﻔﻚ ﺩﻣﻲ:
أمّا عن مناسبة قصيدة “إﻥّ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﺍﻟﺬي ﻳﺮﺿﻴﻪ ﺳﻔﻚ ﺩﻣﻲ” فيروى بأن مالك بن دينار خرج في سنة من السنين إلى مكة المكرمة، حاجًا إلى بيت الله الحرام، وبينما هو في طريقه إلى هنالك رأى رجلًا يمشي وليس معه راحلة ولا طعامًا، فذهب إليه وسلم عليه، وقال له: من أين أنت يا أخي؟، فقال له الرجل: من عنده، فقال له مالك بن دينار: وإلى أين أنت ذاهب؟، فقال له الرجل: إلى بيته، فقال له مالك: وأين طعامك؟، فقال له الرجل: من عنده، فقال له مالك: إن الطريق التي تسلكها لا تنقطع إلا بالطعام والشراب، فهل يوجد معك شيء؟، فقال له الرجل: نعم معي، عندما خرجت تزودت بحروف خمسة، فقال له مالك: وما هي هذه الأحرف؟، فقال له الرجل: كهيعص.
وعندما قال الرجل لمالك بأن هذه الأحرف هي زاده، قال له مالك: وما معنى هذه الحروف؟، فقال له الرجل: أمّا الكاف فإنّ الله هو الكافي، والهاء فإنه الله الهادي، وأما الياء فإن الله المُؤوي، والعين فإن الله العالم، والصاد فهو الصادق، ومن يصادق من فيه هذه الصفات فلن يضيع، ولا خوف عليه، وبذلك لا يحتاج زادًا ولا راحلة، وعندما سمع مالك كلام هذا الرجل قلع قميصه وأعطاه للرجل لكي يلبسه، ولكن الرجل رفض وقال له: يا أخي، أن أكون عاريًا أفضل لي من أن ارتدي قميصك هذا، فإننا نحاسب على حلال هذه الدنيا، ونعاقب على حرامها، فاستأذن مالك أن يكمل المسير معه إلى مكة المكرمة، وانطلقوا معًا.
وكان هذا الرجل كلما أتى الليل يرفع رأسه باتجاه السماء، ويقول: يا رب، إني أعلم أن عبادتي لك لا تنفعك، ومعصيتي لك لا تضرك، فارزقني يا رب ما لا ينفعك، وابعدني عما لا يضرك، وعندما وصلوا إلى بيت الله الحرام، وأخذوا يطوفون انتبه مالك إلى الرجل، وكان لا يقول لبيك اللهم لبيك كسائر الحجاج، فقال له: لم لا تلبي يا أخي، فقال له الرجل: والله إنّي أخاف إن قلت: لبيك اللهم لبيك أن يقول لي الله: لا لبيك ولا سعديك، ومن ثم ابتعد الرجل عن مالك، فلم يره إلا وهو بتمنى، وكان يبكي وينشد قائلًا:
إِنَّ الحَبيبَ الَّذي يُرضيهِ سَفك دَمي
دَمي حَلالٌ لَهُ في الحِلِّ وَالحَرمِ
إِن كانَ سَفكُ دَمي أَقصى مُرادِكُمُ
فَلا عَدَت نَظرَةٌ مِنكُم بِسَفكِ دَمي
وَاللَه لَو عَلِمَت روحي بِمَن عَلِقَت
قامَت عَلى رَأسِها فَضلاً عَنِ القَدَمِ
يا لائِمي لا تَلُمني في هَواهُ فَلَو
عايَنتَ مِنهُ الَّذي عايَنتُ لَم تَلُمِ
يَطوفُ بِالبَيتِ قَومٌ لا بِجارِحَةٍ
بِاللَهِ طافوا فَأَغناهُم عَنِ الحَرَمِ
ومن ثم شهق شهقة ومات من فوره.
نبذة عن الحلاج:
أما عن التعريف بشاعر هذه القصيدة هو الحسين بن منصور الحلاج، يعد شاعرًا من شعراء العصر العباسي.