قصة قصيدة اذا اكلت انا وجاعت جماعتي:
أمّا عن مناسبة قصيدة “اذا اكلت انا وجاعت جماعتي” فيروى بأنّ أبو زيد الهلالي ومن معه كانوا قد دخلوا إلى تونس بعد أن امضوا عشرة أيام في المسير، وعندما دخلوا إليها أخذوا يتجولون فيها، وهم يتأملون مبانيها، وما فيها من خيرات وأنهار، ودخلوا إلى بستان من بساتينها، وبدأوا يتجولون فيه ويأكلون من ثماره، حتى أتاهم مجموعة من الفرسان يريدون أن يلقوا القبض عليهم، وكان قد أرسلهم الزناتي خليفة عندما وصله خبر بأنهم هنالك، فقام أبو زيد الهلالي وهجم عليهم، فقتل منهم من قتل، وأوقع الآخرين على الأرض، حتى ازداد عددهم، وتمكنوا من إلقاء القبض على من معه، ولكنهم لم يتمكنوا ن إلقاء القبض عليه.
فتقدم إليه قائد الجند، وقال له: من أنتم؟، فقال له: نحن شعراء من بلاد الشرق، وسمعنا بكرم أميركم، فجئنا نمدحه، ونأخذ ما يعطينا، وأنا اسمي محمود، ومن معي هم شداد وحماد ومسعود، فقال له قائد الجند: والله إنك لكاذب، إنّك أبو زيد الهلالي، وجئت تتقصى أخبار مدينتنا، لكي تهجم عليها، وتحتل بلادنا، وقال للجنود: أمسكوه ولكن لا تقتلوه، فانقضوا عليه، حتى تمكنوا من الإمساك به، وقادوه إلى الزناتي.
وعندما أدخلوه إليه، وأخبروه بانه قد قتل منهم عددًا من الرجال، غضب وقال له: من تكزن؟، فأخبره كما أخبر قائد جنده، وعندما انتهى أبو زيد الهلالي، قال له الزناتي: والله ما أنت إلا جاسوس، وقد أتيت لتعرف أحوال بلادنا، ثم تذهب وتأتي ومعك جيش، فتملك أراضينا وخيراتنا، ثم أمر بأن يوضعوا في السجن، حتى يبحث في أمرهم.
وقام الزناتي باستدعاء المنجمين، واستشارهم في أمر هؤلاء الرجال، فاستقر رأيهم على أن يقوموا بإعدامهم، فأمر الوناتي بأن يوضعوا في أكثر السجون حراسة في المدينة، حتى يحين موعد إعدامهم، فاقتادهم الجند إلى السجن، وبينما هم في الطريق مروا من تحت قصر الأميرة سعداء الزناتي، فقامت الجارية لكي ترى ما الذي يجري، وتعرفت على الرجال المقتادون، وذهبت إلى الأميرة وقالت لها: يا أميرتي، إنهم يقتادون أبو زيد الهلالي ومعه مرعي إلى السجن، وعندما سمعت الأميرة باسم مرعي، تغير حالها، كونها تحبه، وصاحت على الجند بأن يعيدوهم إلى قصر أبيها، وأن لا يفعلوا بهم شيئًا.
ولحقت الأميرة بهم إلى قصر أبيها، ودخلت إلى أبيها، وقالت له: يا أبي، لا يمكنك أن تقتلهم، فأنت لم تتأكد من جرمهم، ومن ثم اقترحت عليه أن يقوم بحبسهم في قصرها، فوافق أباها على ذلك، وأخذتهم وتوجهت بهم إلى قصرها، وعندما دخلوا، أمرت بأن يحضر لهم أفضل أنواع الطعام، فأطعمت كل واحد منهم على حدة، وعندما أتى دور أبو زيد الهلالي، أحضرته وأطعمته، فشكرها، وقسم طعامه إلى سبعة أقسام، فاستغربت منه، وسألته عن سبب ذلك: فقال لها: أنا وجماعتي أربعة، وأنت وجاريتك، والسابعة لابنة عمي، فقالت له: لما لا تأكل لوحدك، فأنشد قائلًا:
اذا اكلت انا وجاعت جماعتي
فلا عشت عمري لسكب الصفائح
واذا جعت انا واكلت جماعتي
احمد ربي وهو كريم مسامح
ايا ست زاد اثنين يكفي ثلاثة
ويكفي اربعة يا ست والكل رايح
ويكفي خمسة من اجاويد حينا
ويكفي لستة من هلال السمائح
فضحكت ممّا سمعت، وفي اليوم التالي، أمر الزناتي بان يحضروا إليه، وعندما دخلوا، قال لهم الأمير: إن أطلقت سراحكم، بماذا ستأتوني، وكم ستغيبوا عنا؟، فقال له أبو زيد: أحضر لك أربعمائة ألف دينار فضي، فقال له الزناتي: اذهب فأنت آمن، وغادر أبو زيد ومن معه المدينة.
نبذة عن أبو زيد الهلالي:
هو أبو زيد الهلالي أمير من أمراء بني هلال بن عامر، وواحد من أشجع فرسانهم، ولد في القرن الحادي عشر في نجد، وشارك في العديد من المعارك والحروب.