قصة قصيدة الحب حلو أمرته عواقبه
أمّا عن مناسبة قصيدة “الحب حلو أمرته عواقبه” فيروى بأن رجلًا من أهل بغداد يقال له أبي عكرمة خرج في يوم من الأيام من بيته، وتوجه صوب المسجد الجامع في بغداد، وبينما هو في طريقه إلى هنالك، مر من أمام منزل أبي عيسى بن المتوكل، وكان واقف على الباب رجل يقال له المشدود، وكان أمهر خلق الله في ذلك الزمان في الغناء، فرأى أبا عكرمة، وقال له: إلى أين أنت ذاهب يا أبا عكرمة؟، فقال له: إني ذاهب إلى المسجد الجامع، لعلي أستفيد من هنالك بحكمة أكتبها، فقال له: أدخل معي إلى أبي عيسى نجلس معه، فقال له أبو عكرمة: وهل رجل بمثل قدر ابن المتوكل ندخل إلى مجلسه من دون إذن، فقال المشدود للخادم: أخبر أمير المؤمنين بأن أبو عكرمة على الباب، فدخل الحاجب، وما لبث طويلًا حتى خرج الخدم، وقاموا بحمل أبي عكرمة على ظهورهم، ودخلوا به إلى القصر.
وعندما دخل أبو عكرمة إلى القصر، ودخل إلى مجلس أبي عيسى، ووقف بين يديه، قال له أبو عيسى: لا يعيش من يحتشم، وطلب مه أن يجلس، فجلس، فأمر بإحضار الطعام، فأتوهم بطعام كثير، وعندما انتهوا من تناول الطعام، أمر بإحضار الشراب، فأحضروه، وشربوا، وكانت جارية تسقيهم الشراب من زجاجة، فقال أبو عكرمة لأبي عيسى: أصلح الله أمير المؤمنين، وأتم عليك النعمة، ولم يسلبك ما أعطاك إياه، ومن ثم دعا أبو عيسى المغنين، وهم المشدود ودبيس وزنين، وهم أفضل المغنين في ذلك الزمان، وابتدأ المشدود ينشد قائلًا:
واخضرَّ فوق حجاب الدر شاربه
واهتزَّ أعلاه وارتجت حقائبه
فكان من رده ما قال حاجبه
ثم سكت وأنشد زنين:
وصاحب الحب صب القلب ذائبهُ
يوم الفراق ودمع العين ساكبه
ثم سكت وأنشد دبيس:
حالة الشاعر
كانت حالة الشاعر عندما أنشد هذه القصيدة التعجب من الحب وأحواله، فهو حلو، ولكن له عواقب.