نروي لكم اليوم ما كان من أمر الأرض في الجاهلية كما يزعم العرب.
قصة قصيدة بآية قام ينطق كل شيء
أما عن مناسبة قصيدة “بآية قام ينطق كل شيء” فيروى بأن قريش كانوا يدعون في العصر الجاهلي العالمية، وسبب ذلك فضلهم وعلمهم عن سواهم من العرب، وفي خبر ذلك أنشد الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب قائلًا:
ألسنا أهل مكة عالمياً
وأدركنا السلام بها رطاباً
والسلام هي الحجارة، فقد كان العرب يزعمون بأن الحجارة كانت رطبة لينة، وفي خبر ذلك أنشد ابن العجاج قائلًا:
قد كان ذلك زمن القحطل
والصخر مبتل كطين الوحل
فقد أثرت قدم إبراهيم عليه السلام في الصخر كما أثرت أقدام الناس جميعهم في ذلك الزمان، بسبب لين الصخور، ولكن الله تعالى سوى آثار أقدام الناس وعفاها ومسحها ومحاها ما عدا قدم إبراهيم عليه السلام تكريمًا له وتخليدًا لذكره، وكانوا يقولون بأن كل شيء كان يعرف وينطق، ومن ذلك قول أمية بن أبي الصلت:
بِآيَةِ قامَ يَنطُقُ كُلُّ شَيءٍ
وَخانَ أَمانَةَ الديكِ الغُرابُ
يقول الشاعر في هذا البيت بأنه بآية من الله كان ينطق كل شيء.
كَذي الأَفعى يُرَبّيها لَدَيهِ
وَذي الجِنِيِّ أَرسَلَها تُسابُ
فَلا رَبُّ المَنِيَّةِ يَأمَنَنها
وَلا الجِنِيُّ أَصبَحَ يُستَتابُ
بِإِذنِ اللَهِ فَاِشتَدَت قِواهُم
عَلى مَلَكَينِ وَهيَ لَهُم وِثابُ
وَفيها مِن عِبادِ اللَهِ قَومٌ
مَلائِكُ ذُلِّلوا وَهُمُ صِعابُ
ويروى بأن الأشجار لم يكن لها شوك، وبأن ذلك تغير بعد أن قام قابيل بقتل هابيل، وعندما شربت الأرض من دم هابيل، فعوقبت بعشر خصال، ومن هذه الخصال أن نبت فيها الشوك، وأصبح منها الصحاري، وملح طعم مياهها، وجعل ثمرها لا يأتي إلا في حين، ومن ذلك قول الشاعر:
وكان رطيباً يوم ذلك صخرها
وكان حصيداً طلحها وسيالها