قصة قصيدة بكت عنان فجرى دمعها
أمّا عن مناسبة قصيدة “بكت عنان فجرى دمعها” فيروى بأنه كان لرجل يقال له الناطفي جارية يقال لها عنان، وفي يوم من الأيام لقي الناطفي الشاعر مروان بن أبي حفصة في السوق، فدعاه إلى مجلسه، فلبى مروان دعوته، وتوجه معه إلى بيته، ودخل الاثنان إلى مجلس الناطفي، وجلسا سوية، وبينما هما جالسين، قام الناطفي بدعوة جاريته عنان للدخول إلى المجلس.
وعندما تأخرت عنان عن الدخول إلى المجلس، خرج إليها الناطفي، وقال لها: لقد أتيتك بشاعر هو من أشعر الناس، وهو مروان بن أبي حفصة، وكانت عنان مريضة في ذلك اليوم، فقالت: إني عنه لفي شغل، فقام الناطفي بضربها بالسوط، وأدخلها رغمًا عنها إلى المجلس، وعندما دخلت عنان إلى المجلس كانت تبكي، وعندما رآها مروان بن أبي حفصة على هذه الحال، أنشد قائلًا:
بكت عنان فجرى دمعها
كالدر إذ يسبق من خيطه
فردت عليه مسرعةً:
فليت من يضربها ظالماً
تيبس يمناه على سوطه
فقال مروان للناطفي: عليك أن تعتق ما ملكك إياه ربك، فإنه والله لا يوجد من هو أفضل منها في قول الشعر في الإنس والجن.
وفي يوم من الأيام جلس رجل مع أحمد بن معاوية، وقال له: لقد قرأت في كتاب بيتًا من الشعر، وقد تعبت وأنا أحاول أن أجد أحدًا يجيزه لي، ولكني لم أستطع العثور على أي أحد يجيزه، فنصحني أحد أصدقائي بأن أذهب إلى عنان، فخرجت وقصدت قصر مولاها، ودخلت إليها، وطلبت منها أن تجيز البيت الذي يقول:
وما زال يشكو الحب حتى رأيته
تنفس من أحشائه وتكلما
فردت علي قائلة:
ويبكي فأبكي رحمةً لبكائه
إذا ما بكى دمعاً بكيت له دما
نبذة عن مروان بن أبي حفصة
هو مروان بن أبي حفصة سليمان بن يحيى بن أبي حفصة يزيد بن عبد الله الأموي، شاعر من شعراء عصر صدر الإسلام، أدرك كلًا من العصر الأموي والعصر العباسي، ولد في عام مائة وخمسة للهجرة في اليمامة في شبه الجزيرة العربية، مدح العديد من الخلفاء والأمراء من كلا العصرين.
توفي مروان بن أبي حفصة في عام مائة واثنان وثمانون للهجرة في مدينة بغداد في العراق.