قصة قصيدة تحالف الناس والزمان
أمّا عن مناسبة قصيدة “تحالف الناس والزمان” فيروى بأن ابن المقلة كان وزيرًا لبعض الخلفاء العباسيين، وكان ذا شأن كبير في الدولة العباسية، مما أدى إلى شعور البعض بالغيرة منه، وحسده على ما هو فيه، وكان من بينهم رجل يهودي، فقام هذا الرجل بتزوير كتاب على أنه من ابن المقلة، واجتهد بأن يكون الخط المكتوب في هذا الكتاب يشبه خط ابن مقلة، وكتب فيه هذا الكتاب أسرار الدولة، وبعث به إلى بلاد الكفار.
وتظاهر هذا الرجل بأنه قد أمسك بالكتاب قبل أن يصل إليهم، وبعث به إلى الخليفة، وعندما قرأه الخليفة، ووقف على ما فيه، وقارن الخط الذي فيه بخط ابن مقلة، اقتنع بأن ابن مقلة هو من كتب هذا الكتاب، فبعث في طلبه، وعندما أتاه، أنكر بأنه قد كتبه، ولكن الخليفة لم يقتنع بكلامه، وأمر رجاله بأن يقطعوا له يده، فقطعوا له يده في يوم عرفة.
وفي اليوم التالي، وبعد أن قطعت له يده، لم يأت أحد إلى بيته، ولم يتوجع أحد لما حصل له، وفي ذلك اليوم اتضح للخليفة بانه قد ظلمه، وبأنه لم يكتب ذلك الكتاب، وبأن اليهودي هو من فعل ذلك بالتعاون مع جارية من جواريه، فأمر بأن يقتل كلاهما، وندم أشد الندم على ما فعل بابن مقلة، وبعث له الكثير من الأموال، وبعث له باعتذار، فقام ابن مقلة بكتابة أبيات من الشعر على باب بيته، وقال فيها:
فحيث كان الزمان كانوا
فانكشف الناس لي وبانوا
عودوا فقد عاد لي الزمان
وبقي ابن مقلة يكتب بيده اليسرى طيلة حياته، ولكن وعلى الرغم من ذلك لم يتغير خطه حتى مات.
نبذة عن ابن مقلة
هو أبو علي محمد بن علي بن الحسين بن مقلة الشيرازي، ولد في عام ثمانمائة وستة وثمانون ميلادي في مدينة بغداد في العراق، وهو خطاط اشتهر بجمال خطه، ووزير من وزراء الدولة العباسية، وكاتب وشاعر.
توفي ابن مقلة في عام تسعمائة وأربعون ميلادي في مدينة بغداد.