قصة قصيدة تذكر ليلى حسنها وصفاءها
أمّا عن مناسبة قصيدة “تذكر ليلى حسنها وصفاءها” فيروى بأنه في يوم من الأيام قام رجل من بني عامر بن صعصعة قتل رجلًا يقال له الخطيم بن عدي الأوسي، كما أن والد الخطيم قد قتل على يد رجل من عبد القيس، وكان للخطيم ابن اسمه قيس، وعندما كبر قيس، وأصبح شابًا، قامت أمه بوضع حجارة على هيئة قبرين، ووقفت أمامهما وهي تبكي، فأتاها وسألها عن سبب بكائها، فأخبرته بأنهما قبري أباه وجده، وكانت لا تريد أن يسمع بخبر مقتلهما، فيخرج طالبًا للثأر، فيقومون بقتله.
ولكن بعد مدة من الزمان، كان قيس ينازع أحد غلمان قبيلته، فقال له الغلام: لو أنك تظهر قوتك هذه على من قام بقتل أبيك وجدك، لكان أولى بك، فأسرع عائدًا إلى بيته، ودخل على أمه، وأقسم عليها بأن تخبره بخبر مقتل أبيه وجده، ولكنها لم تخبره بأنهما قتلا، وأخبرته بأنهما قد ماتا من مرض في بطنهما، فأمسك بسيفه، ووضعه على صدره، وأقسم بأن يخرجه من ظهره إن لم تخبره بالحقيقة، فأخبرته بأن أبيه قد قتل على يد رجل من بني عامر، وبأن جده قد قتل على يد رجل من بني عبد القيس.
فخرج من البيت وحمل سيفه معه، وتوجه إلى رجل يقال له خداش بن زهير، ودخل عليه، وأخبره بسبب قدومه إليه، فقال له خداش: إن من قتل أبيك هو ابن عمي، ولا أستطيع أن أخرجه إليك حتى لو أردت، ولكن في المساء، سوف آخذك معي إلى مجلس القبيلة، وأضرب بيدي على فخذه، فإذا رأيت ذلك، فقم إليه واقتله، وفي المساء توجهوا إلى المجلس، وفعل خداش كما أخبره، فقام قيس إلى الرجل وقتله، فقام القوم لكي يقتلوه، ولكن خداش حال بينهم وبينه، وقال لهم بأنه قد قتل قاتل أبيه، فعفوا عنه.
ومن ثم أراد الخروج في طلب قاتل جده، فخرج خداش معه، وتوجها إلى البحرين، وعندما وصلا، فخرج قيس حتى أتى قاتل أبيه، ونازله حتى قتله، وهرب هو وخداش، وتبعهما القوم، ولكنهم لم يتمكنوا من الإمساك بهم، وعاد الاثنان إلى قومهما، ودخل قيس إلى قومه وهو ينشد قائلًا:
تَذَكَّرَ لَيلى حُسنَها وَصَفاءَها
وَبانَت فَأَمسى ما يَنالُ لِقاءَها
وَمِثلِكِ قَد أَصبَيتُ لَيسَت بِكَنَّةٍ
وَلا جارَةٍ أَفضَت إِلَيَّ حَياءَها
إِذا ما اِصطَحَبتُ أَربَعاً خَطَّ مِئزَري
وَأَتبَعتُ دَلوي في السَخاءِ رِشاءَها
ثَأَرتُ عَدِيّاً وَالخَطيمَ فَلَم أُضِع
وِلايَةَ أَشياءٍ جُعِلتُ إزاءَها
ضَرَبتُ بِذي الزِرَّينِ رِبقَةَ مالِكٍ
فَأُبتُ بِنَفسٍ قَد أَصَبتُ شِفاءَها
وَسامَحَني فيها اِبنُ عَمروِ بنِ عامِرٍ
خِداشٌ فَأَدّى نِعمَةً وَأَفاءَها
طَعَنتُ اِبنَ عَبدِ القَيسِ طَعنَةَ ثائِرٍ
لَها نَفَذٌ لَولا الشُعاعُ أَضاءَها
مَلَكتُ بِها كَفّي فَأَنهَرتُ فَتقَها
يَرى قائِماً مِن خَلفِها ما وَراءَها
يَهونُ عَلَيَّ أَن تَرُدَّ جِراحُهُ
عُيونَ الأَواسي إِذ حَمِدتُ بَلاءَها
وَكُنتُ اِمرِأً لا أَسمَعُ الدَهرَ سُبَّةً
أُسَبُّ بِها إِلّا كَشَفتُ غِطاءَها
وَإِنِّيَ في الحَربِ الضَروسِ مُوَكَّلٌ
بِإِقدامِ نَفسٍ ما أُريدُ بَقاءَها
نبذة عن قيس بن الخطيم
هو أبو يزيد قيس بن الخطيم بن عدي الأوسي، وهو شاعر الأوس وأحد فرسانها في العصر الجاهلي.