قصة قصيدة ترقب إذا جن الظلام زيارتي
أمّا عن مناسبة قصيدة “ترقب إذا جن الظلام زيارتي” فيروى بأن الشاعر أحمد بن عبد الله بن زيدون المشهور بابن زيدون ، تعلم في واحدة من أفضل جامعات الأندلس وهي جامعة قرطبة، وبعد أن أنهى دراسته، برع في الشعر، ولمع بين أقرانه كشاعر، وكان إبداعه في الشعر هو الباب الذي تعرف من خلاله على الولادة بنت المستكفي، التي تعد فراشة العصر الأندلسي، كما أنه برز كوزير في الدولة الأندلسية.
ويروى بأن ابن زيدون قد انقطع إلى ابن الجهور، وهو واحد من ملوك الطوائف في الأندلس، وبقي مقربًا منه، حتى اتهمه في يوم من الأيام بأنه يميل إلى المعتضد بن عباد، وقام بوضعه في السجن، ولكنه تمكن من الهروب من السجن، وفر إلى إشبيلية، وتقرب من المعتضد بن عباد، فجعله المعتضد وزيرًا، وفوض إليه أمر إشبيلية، فأقام هنالك مبجلًا ومقربًا،
وكانت ولادة بنت المستكفي بشعرها الرقيق الفصيح، وجمالها الذي لم يكن له مثيل، والذي لم يكن هنالك حجاب بينه وبين الناظرين إليها، كانت أميرة القلوب، فوقع العديد من رجال الدولة في حبها، وكان من أشهرهم ابن زيدون، كما أن هنالك رجلين كانا ينافسان ابن زيدون على حبها، وهم أبو عبيد الله القلاسي، وأبو عامر بن عبدوس، فقام بمهاجمتهما بقصائد لاذعة، وانسحب أبو عبيد الله بسبب تلك القصائد، ولكن ابن عبدوس لم يتزحزح، وأخذ يتودد إليها بشكل أكبر مما كان يفعل من قبل، كما أنه قام ببعث رسالة لها، وأخبرها في تلك القصيدة بأنه يحبها، وعندما وصل خبر تلك القصيدة إلى ابن زيدون، بعث له برسالة على لسان الولادة، وسخر منه في تلك الرسالة، وجعله أضحوكة أمام الناس.
وعاش ابن زيدون مع الولادة أيام من أجمل أيام حياته، مليئة بالسعادة، وقد أخبر عن بعض ما حصل في تلك الأيام، فقد قال: كنت في أيام الشباب هائمًا بحب ولادة، فلما استطعت لقاءها، كتبت إلي تقول:
ترقّب إذا جنّ الظلام زيارتي
فإنّي رأيت الليل أكتم للسرِّ
وَبي منك ما لو كانَ بالشمسِ لم تلح
وبالبدر لم يطلع وَبالنجم لم يسرِ
نبة عن الولادة بنت المستكفي
هي ولادة بنت المستكفي بالله محمد بن عبد الرحمن الأموي، شاعرة أندلسية، من بيت الخلافة.