قصة قصيدة تعلق روحي روحها قبل خلقنا

اقرأ في هذا المقال


إذا تذكر العاشق من يحب أصابته حالة من الحزن والألم بسبب بعدها عنه، ومن ذلك ما حصل مع رجل دخل إلى مجلس الخليفة سليمان بن عبد الملك، وسمع شعرًا ذكره فيمن يحب فمات بسببه.

من هو قيس بن ذريح؟

هو قيس بن ذريح بن سنة بن حذافة بن طريف بن عتوارة بن عامر، شاعر من شعراء عصر الخلافة الراشدة، من أهل الحجاز.

قصة قصيدة تعلق روحي روحها قبل خلقنا

أمّا عن مناسبة قصيدة “تعلق روحي روحها قبل خلقنا” فيروى بأن الخليفة سليمان بن عبد الملك قد جلس في يوم من الأيام في مجلسه ينظر في طلبات الناس، وعرضت عليه القصص، وبينما هو جالس سمع صوت من خارج مجلسه يقول: إن رأى أمير المؤمنين أطال الله عمره أن يخرج من مجلسه، ويرى فلانة، ويسمع منها النشيد وهي تغني، وكان يقصد إحدى جواري الخليفة، فغضب الخليفة من ذلك غضبًا شديدًا، وأمر أحد رجاله أن يخرج إلى ذلك الرجل ويقطع له رأسه، ويحضره إليه، فخرج الرجل، ولكن الخليفة أتبعه برجل آخر، وأمره أن يمنع الأول من قطع رأسه، وأن يدخل الرجل إليه، فخرج الثاني، وأدخل الرجل، وعندما وقف الرجل بين يديه، قال له: ما الذي جعلك تفعل ما فعلت؟، فقال له الرجل: ثقتي بحلمك يا مولاي، واتكالي على عفوك، فأمره الخليفة بأن يجلس، فجلس.

ومن ثم أمر الخليفة بأن يدخلوا الجارية، فأدخلوها، ثم قال للرجل: اختر، ماذا تريدها أن تنشد؟، فقال له الرجل: قل لها أن تنشد قول قيس بن ذريح:

تَعلَقُ رَوحي رَوحَها قَبلَ خَلقِنا
وَمِن بَعدِ ما كُنّا نِطافا وَفي المَهدِ

يقول قيس بن ذريح في هذا البيت بأن روحه قد تعلقت بروح لبنى من قبل أن يولد، واسترت روحه بحبها بعد أن ولد وأصبح في المهد.

فَزادَ كَما زِدنا فَأَصبَحَ نامِيا
فَلَيسَ وَإِن مُتنا بِمُنفَصِمِ العَهدِ

وَلَكِنَّهُ باقٍ عَلى كُلِّ حادِثٍ
وَزائِرُنا في ظَلمَةِ القَبرِ وَاللَحدِ

يَكادُ حُبابُ الماءِ يَخدِشُ جِلدَها
إِذا اِغتَسَلَت بِالماءِ مِن رِقَتِ الجِلدِ

وَإِنِّيَ أَشتاقُ إِلى ريحِ جَيبِها
كَما اِشتاقَ إِدريسُ إِلى جَنَّةِ الخُلدِ

وَلَو لَبِسَت ثَوباً مِنَ الوَردِ خالِصاً
لَخَدَّشَ مِنها جِلدَها وَرَقُ الوَردِ

يُثَقِّلُها لُبسُ الحَريرِ لِلينِها
وَتَشكو إِلى جاراتِها ثِقَلَ العِقدِ

وَأَرحَمُ خَدَّيها إِذا ما لَحَظتُها
حِذاراً لِلَحظي أَن يُؤَثِّرَ في الخَدِّ

فغنته الجارية، ومن ثم طلب الرجل من الخليفة أن يأتوه بخمر، فأمر الخليفة بإحضاره له، فشرب وقال للخليفة: قل لها تغني شعر جميل:

عَلِقتُ الهَوى مِنها وَليداً فَلَم يَزَل
إِلى اليَومِ يَنمي حُبُّها وَيَزيدُ

فَما ذُكِرَ الخلّانُ إِلّا ذَكَرتُها
وَلا البُخلُ إِلّا قُلتُ سَوفَ تَجودُ

فغنته، ومن ثم قال الخليفة: قل!، فقال: تغني بقول قيس بن ذريح:

فَإِن يَحجُبوها أَو يَحُل دونَ وَصلِها
مَقالَةُ واشٍ أَو وَعيدُ أَميرِ

فَلَم يَحجُبوا عَينَيَّ عَن دائِمِ البَكا
وَلَن يَملِكوا ما قَد يَجُنَّ ضَميري

إِلى اللَهِ أَشكو ما أُلاقي مِنَ الهَوى
وَمِن حُرَقٍ تَعتادُني وَزَفيرِ

وَمِن كُرَبٍ لِلحُبِّ في باطِنِ الحَشا
وَلَيلٍ طَويلِ الحُزنِ غَيرِ قَصيرِ

سَأَبكي عَلى نَفسي بِعَينٍ غَزيرَةٍ
بُكاءَ حَزينٍ في الوِثاقِ أَسيرِ

ومن بعد أن انتهت، أخذ الرجل يقفز، حتى وقع على رأسه ومات، فقال الخليفة: إنا لله وإنا إليه راجعون.

الخلاصة من قصة القصيدة: دخل رجل إلى مجلس الخليفة سليمان بن عبد الملك بن مروان، وطلب منه أن تنشد جارية من جواريه شعرًا لقيس بن ذريح، فغنت ثلاث قصائد له، وعندما أتمت الثالثة مات ذلك الرجل.

المصدر: الكتاب "الموشى: الظرف والظرفاء" تأليف محمد بن أحمد بن إسحاق بن يحيى، أبو الطيب، المعروف بالوشاء كتاب "تفسير الآلوسي" تأليف الآلوسي كتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبةكتاب "الأغاني" تأليف أبو فرج الأصفهاني


شارك المقالة: