قصة قصيدة جاءت هدايا من الرحمن مرسلة
أمّا عن مناسبة قصيدة “جاءت هدايا من الرحمن مرسلة” فيروى بأنه في يوم من الأيام خرج رجلان من قبيلة تميم يقال لهما الأقرع بن حابس، وفراس بن حابس، وهما أخوان، ويقال لهما الأقرعان، وكانا يريدان أن يغيرها على قبيلة بكر بن وائل، وكان معهما رجل يقال له البروك أبو جعل، وعندما وصلوا لقوا رجلًا يقال له بسطام بن قيس الشيباني، ومعه عمران بن مرة بالقرب من ديار بكر بن وائل، فاقتتل الجمعان قتالًا شديدًا، وتمكن رجال بني بكر من الانتصار على رال بني تميم، وأسر كل من الأقرع وفراس.
وبينما هما أسيران، قاما بافتداء نفسيهما، وعاهدا بني بكر على أن يرسلا لهم فديتهم فور أن يصلا إلى قومهما، فقام بنو بكر بإطلاق سراحهما، ولكنهما لم يوفيا بعهدهما، ولم يرسلا الفدية، وكان من بين أسرى بني تميم رجل من يربوع، وفي ليلة من الليالي سمعه بسطام بن قيس وهو ينشد قائلًا:
فدىً بوالدةٍ عليّ شفيقةً
فكأنّها حرضٌ على الأسقام
لو أنّها علمت فيسكن جأشها
أنّي سقطت على الفتى المنعام
سقط العشاء به على متنعّم
سمح اليدين معاود الإقدام
فلما سمع ما قال من شعر، قال له: وأبيك لا يقوم أحد بإخبار أمك عنك سواك، وقام بإطلاق سراحه، وفي خبر ذلك أنشد ابن رميض العنزي قائلًا:
جاءت هدايا من الرحمن مرسلة
حتّى أنيخت لدى أبيات بسطام
جيش الهذيل وجيش الأقرعين معاً
وكبّة الخيل والأذواد في عام
مسوّم خيله تعدو مقانبه
على الذوائب من أولاد همّام
وقال أوس بن حجر:
وصبّحنا عارٌ طويلٌ بناؤه
نسب به ما لاح في الأفق كوكب
فلم أر يوماً كان أكثر باكياً
ووجهاً ترى فيه الكآبة تجنب
أصابوا البروك وابن حابس عنوةً
فظلّ لهم بالقاع يومٌ عصبصب
وإنّ أبا الصهباء في حومة الوغى
إذا ازورّت الأبطال ليثٌ مجرّب
نبذة عن ابن رميض العنزي
هو رشيد بن رميض العنزي، وهو شاعر قديم من شعراء بني عنزة، واستشهد الكثير ببيت أنشده على أنه كان عند قوم بكر بن وائل صنم يعبدونه، وكان اسم هذا الصنم عوض.