قصة قصيدة جانيك من يجني عليك وربما
أمّا عن مناسبة قصيدة “جانيك من يجني عليك وربما” فيروى بأنه في يوم من الأيام طلب الحجاج بن يوسف الثقفي أن يحضر له رجل من المدينة، لأنه يريد أن يعاقبه على أمر فعله، وبعث رجاله في طلب هذا الرجل، وبعد أن بحث رجال الحجاج على هذا الرجل، ولم يتمكنوا من العثور عليه، قاموا بالإمساك بأخيه، فقال لهم أخوه: إني مظلوم، ولم أفعل أي شيء أعاقب عليه، فقالوا له: لقد قمنا بالبحث عن أخيك، ولم نتمكن من العثور عليه، فأمسكنا بك بدلًا منهم، فقال لهم الرجل: حسنًا، ولكني أريد أن أتحدث إلى الأمير، فأخذوا به إلى عند الحجاج بن يوسف، وأدخلوه إلى مجلسه.
وعندما وقف الرجل بين يدي الحجاج، قال له: أصلح الله الأمير، إن هؤلاء الرجال كانوا يبحثون عن أخي، ولكنهم لم يستطيعوا إيجاده، فقاموا بأخذي بدلًا منه، وأمسكوا بابني، وقاموا بهدم بيتي، ومنعوا عني عطائي، فقال له الأمير: ألم تسمع قول الشاعر حينما قال:
جانيك من يجني عليك وربما
تعدي الصحاح مبارك الجرب
ولرب مأخوذ بذنب عشيرة
ونجا المقارف صاحب الذنب
فقال له الرجل: أصلح الله الأمير، نعم لقد سمعت هذا القول، ولكني سمعت الله تعالى يقول غير الذي قاله، فقال له الحجاج: وماذا يقول الله سبحانه وتعالى؟، فقال له الرجل: يقول الله: { قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ }، وعندما سمع الحجاج قول الله تعالى، أخذ يفكر لبعض الوقت، ومن ثم أمر بأن يحضروا له قائد الشرطة، فذهبوا وأحضروه له، وعندما دخل ووقف بين يديه، قال له الحجاج: أطلق سراح ابن هذا الرجل، وابن له بيتًا عوضًا عن البيت الذي هدمتموه، ومر له بعطاء، وابعث برجل إلى السوق، وينادي بين الناس بأن الله قد صدق، وبأن الشاعر قد كذب.
فعلى الرغم من ظلم الحجاج وسفكه للدماء، فإنه كان كلما ذكر بالله تعالى ذكره، وما كان منه إلا أن ينصاع لما سمعه من آيات الله تعالى.
حالة الشاعر
كانت حالة الشاعر حينما ألقى هذه القصيدة الاطلاع على حال الناس، فكل منهم يأخذ ذنب صاحبه، وإذا قام أحدهم بفعل أمر سيء، فمن الطبيعي أن يعاقب عليه أهله.