قصة قصيدة جعلت من وردتها

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة جعلت من وردتها

أمّا عن مناسبة قصيدة “جعلت من وردتها” فيروى بأن أحد أهل الكوفة وهو صديق لعلي بن عاصم، أتاه في يوم من الأيام وسأله إن كان يريد أحد العاشقين في المدينة، فقال له علي بن عاصم، نعم، والله، فإني أسمع الناس ينكرون العشق، وإني أحب أن أرى أحد العاشقين، واتفق الاثنان على يوم يذهبان فيه إلى بيت هذا الغلام.

وفي اليوم المتفق عليه، توجه الاثنان إلى بيت هذا الغلام، وبينما هما في الطريق أخذ الكوفي يحدث علي عن أخبار الغلام، فقال له علي: وبمن هو متعلق؟، فقال له صاحبه: بجارية أحد أقربائه، كان يتردد على بيته، وكان يراها كثيرًا حتى وقع غرامها في قلبه، فطلب من قريبه أن يبيعه إياها بجميع ماله، وهو سبعمائة دينار، ولكن قريبه رفض حسدًا أن تكون جارية بجمالها ملكًا له، وعندها بعثت الجارية التي كانت تحبه حبًا شديدًا له بكتاب، وقالت له فيه: مرني بما تريد، فأنا والله تحت أمرك في ما تريد، فبعث لها بأن عليها أن تطيع الله، فإنه بطاعة الله يتحقق لنا ما نريد، وتسكن قلوبنا، وبأن عليها أن تتوقف عن التفكير في أمره لعل الله يجعل لهما فرجًا مما هما فيه، وطلب منها أن لا ترسل إليه مرة أخرى.

وأكمل الكوفي قائلًا: ومن بعد ذلك امتنع هذا الشاب عن مخالطة الناس، وتوحد، وكان لا يدخل بيته إلا كل بضعة أيام، وهو مشغول القلب بذكرى هذه الجارية، وهو الآن في بيته ذاهب العقل.

وعندما وصل الاثنان إلى بيت الشاب، استأذنا للدخول، فخرج لهم أحد أهل البيت، وأدخلهم، وساروا في البيت حتى وصلوا إلى غرفة بعيدة عن بقية الغرف، فدخلوها، وإذ بالشاب في وسطها على حصير، فسلما عليه، ولكنه لم يرد عليهما السلام، فجلسا بجانبه، وكان ينكت الأرض، ومن ثم ينظر إلى يده، ثم يأخذ نفسًا عميقًا، ومن ثم نظر علي إلى يد هذا الغلام، فوجد وردة مربوطة عليها، فسأل صديقه عنها، فأخبره بأنه يظن بأنها من تلك الجارية، وذكر له اسمها، وعندما سمع الشاب باسمها، رفع رأسه، ونظر إليهما، وأخذ ينشد قائلًا:

جَعَلتُ من ورْدتِها
تميمَةً في عَضُدي

أشُمّهَا مِن حبّهَا
إذا عَلاني كمَدي

فمَن رَأى مثلي فتىً
بالحزنِ أضحى مرتدي

أسقمَه الحبُّ، فَقَد
صَارَ حليفَ الأوَدِ

وَصَارَ سَهْواً دهرُه
مُقارِناً للْكَمَدِ.

ومن ثم أطرق الشاب عن الحديث، فهم الاثنان بالخروج، ولم يكادا يصلا إلى باب المنزل، حتى سمعا صوت صراخ، فسألوا عن سبب الصراخ، فأخبروهما بأن الشاب قد مات.

حالة الشاعر

كانت حالة الشاعر عندما أنشد هذه القصيدة الحزن على بعد حبيبته عنه، والاشتياق لها.


شارك المقالة: