قصة قصيدة دعت فوق أغصان من الايك موهنا
أمّا عن مناسبة قصيدة “دعت فوق أغصان من الايك موهنا” فيروى بأن مسعدة بن واثلة الصارمي قد اختلف مع عمه في يوم من الأيام، فرحل من عنده، ونزل على قوم من بني باهلة، واستأذنهم للإقامة عندهم، فأذنوا له، وبقي عندهم فترة من الزمن، وفي يوم ورد إلى الماء، وبينما كان يتزود بالماء، رأى فتاة على بعير، وكانت في تلك اللحظة تشد عقاله، لكي تنزل على الأرض، وعندما رأت مسعدة طلبت منه المساعدة، قائلة: هل لك أن تكفيني التعب؟، فقال لها: وما الذي تريدين فعله؟، فقالت له: أريد ملء هذه السقاية، فقال لها: هاتها، فرمت بها إليه، فتناولها، وتوجه إلى الماء، وملأها.
وبعد أن ملأ السقاية بالماء، عاد إليها، ورفع إليها السقاية لكي تتناولها منه، وعندما أنزلت نفسها لكي تتناولها منه، كشفت عن ذراعيها، فكان كأنه رأى عظامها قد تغطت بالبلور الصافي، وعندما تناولت منه السقاية، انكشف وجهها من تحت الحجاب، فكان أجمل ما رأت عيناه في حياته، وعندها وقع سقاية في حب هذه الفتاة، وسكنت في فؤاده، وبعد أن غادرت الفتاة، توجه عائدًا إلى الديار، وحاله قد تغيرت.
وفي المساء جلس مع صديق له، وأخبره بخبر ما حصل معه، وسأله عن اسم الفتاة، فأخبره بأنها رملة بنت أثيلة بن مصقع، وأخبره بمكان سكنها، فأصبح يخرج كل يوم إلى مكان قريب من بيتها، ويجلس طوال اليوم حتى تقبل ويراها، فيشكو إليها ما حل به من حب لها، فوقعت هي الأخرى في حبه، وعندما وصل خبر ذلك إلى أهلها منعوه عنها، وحبسوها في البيت، وعندما وصله الخبر، خرج من القوم خوفًا وحياءً، فرأى حمامات، فاشتاق لها، وأنشد قائلًا:
دعت فوق أغصان من الايك موهناً
مطوقة ورقاء في أثر آلف
فهاجت عقابيل الهوى إذ ترنمت
وشبت ضرام الشوق بين الشراسف
وفي الليل، كان قريبًا من حي فخاف أن يكونوا من قومها فنزل قريباً منهم فسمع قائلاً يقول:
تمتع من شميم عرار نجد
فما بعد العشية من عرار
وكان يرى الطير فارتابت نفسه من ذلك، بدأ يقلق، فأنشد قائلًا:
ولا شيء بعد اليوم إلا تعلة
من الطيف أو تلقى بها منزلاً قفرا
فزاد قلقه وأنشد قائلاً:
لن يلبث القرناء أن يتفرقوا
ليل بكر عليهم ونهار
لم يبق يوماً عاشقان بحالة
إلا وقد جاءتهم الأغيار
كل وإن طال المدى متصرم
حكم الإله وسارت الأقدار
فقام فركب وهو يفكر وسار، وعند الفجر، مر من عند راعٍ، وكان ينشد قائلًا:
كفى بالليالي مخلقات لجدة
وبالموت قطاعاً حبال القرائن
فعرف صوته، وقال له: أأنت فلان؟ فقال له الراعي: أنا هو، فقال له: ما الذي حصل لك؟، فقال له: أحببت رملة الثرى، فوقع على الرض مغشيًا عليه، وعندما أفاق أنشد قائلًا:
يا راعي الضأن قد ألقيت لي كمدا
يبقى ويقلقني يا راعي الضأن
نعيت نفسي إلى روحي فكيف إذا
أبقى ونفسي في أثناء كفاني
لو كنت تعلم ما أسررت في كبدي
بكيت مما تراه اليوم أبكاني
وبقي يردد ذلك حتى مات.
نبذة عن مسعدة بن واثلة الصارمي
هو مسعدة بن واثلة الصارمي، كان غلاماً حسن الوجه سخي الكف شجاعاً، توفي أباه فعاش مع عمه.