قصة قصيدة دعونا الخطيب أبا البركات
أمّا عن مناسبة قصيدة “دعونا الخطيب أبا البركات” فيروى بأن رجلًا يقال له ابن خاتمة قد سافر في يوم من الأيام إلى مدينة غرناطة في الأندلس، وبينما هو في غرناطة التقى برجل يقال له ابن الخطيب، وقام ابن الخطيب بإكرامه، وتسهيل مقامه في المدينة، وعندما همّ ابن خاتمة بالخروج من المدينة، كتب إلى ابن الخطيب بكتاب، قال له فيه: لقد قلت فيما سبق بأنني حينما أقبلت على جناب حضرتكم السعيد، والدخول مع الجماعة الذين شرفتهم جنابك بالإشراف عليهم، وإدخالهم إلى الشيخ أبو البركات، وإن كان في يوم من الأيام قد غابت شمسه، ولم يتفق أحد بأن أنسه قد اكتمل.
ومن ثم أكمل في كتابه قائلًا: وإني قد قمت بإنشاده شيئًا من الشعر، ولعله لم يصل إلى جنابكم، وإن كان قد وصل إليك، فلا مضرة من إعادته لجنابكم، وفيه قلت:
أقولُ وعَيْنُ الدَّمع نصْبُ عُيونِنا
ولاحَ لِبُستانِ الوزارِة جانِبُ
أهذي سَماءٌ أمْ بِناءٌ سَما بهِ
كواكبُ غضَّتْ عن سَناها الكواكبُ
تناظرتِ الأشكالُ منهُ تَقابلاً
على السَّعد وُسْطى عِقْدِه والحبائبُ
وقد جَرَتِ الأمواهُ فيهِ مَجرَّةً
مذانِبُها شُهْبٌ لَهُنَّ ذوائبُ
وأشْرَفَ من علياه بَهْوٌ تَحفُّه
شماسِيْ زُجاجٍ وشْيُها مُتَناسبُ
يُطلُّ على ماءٍ به الآسُ دائراً
كما افْتَرَّ ثَغرٌ أو كما اخضرَّ شاربُ
هنالكَ ما شاءَ العُلا مِنْ جَلالةٍ
بها يَزْدَهي بُستانُها والمَراتبُ
ومن ثم أكل قائلًا: وعندما أحضروا لنا الطعام هنالك، قمنا بدعوة الشيخ أبو البركات لكي يتناول الطعام معنا، ولكنه اعتذر منا، قال لنا بأنه صائم، فحضرني أن أنشدت قائلًا:
دَعَوْنا الخَطيبَ أبا البركاتِ
لأكل طَعامِ الوَزيرِ الأَجَلّ
وقد ضمَّنا في نَداهُ جِنانٌ
بهِ احتفَلَ الحُسْنُ حتَّى كملْ
فأعْرَض عنا لعُذر الصِّيامِ
وما كل عُذرٍ لهُ مُسْتقلّ
فإن الجِنانَ مَحَلُّ الجَزاءِ
وليسَ الجِنانُ محلُّ العَملْ
وعندما انتهوا من تناول الطعام أنشده ابن خاتمة الأبيات التي حضرت له، فقال له: والله لو أنك قلتها لي قبل أن تفرغوا من تناول الطعام لأكلت معك برًا بهذه البيات.
نبذة عن ابن خاتمة
هو أبو جعفر أحمد بن علي ابن محمد بن خاتمة الأنصاري المريني، ولد في مدينة المرية إحدى مدن إسبانيا، وهو شاعر من شعراء العصر الأندلسي.
