قصة قصيدة رأيت الفتى يمضي ويجمع جهده
أمّا عن مناسبة قصيدة “رأيت الفتى يمضي ويجمع جهده” فيروى بأن الخليفة معاوية بن أبي سفيان قد اشترى جارية بمائة ألف درهم، وفي يوم وبينما هو جالس مع عمرو بن العاص، سأله قائلًا: لمن تصلح هذه الجارية يا أبا عبد الله، فقال له: والله إنّها لا تصلح سوى لأمير المؤمنين، ثم نظر إلى غيره وسأله نفس السؤال، فأجابه بنفس الجواب، فقال لهما: لا والله، فقالوا له: لمن؟، فقال: للحسين بن علي بن أبي طالب، فهو من أشرف الناس، فبعثها إليه، وكتب له: إن أمير المؤمنين قد اشتراها، وفضل أن تكون لك.
فلما أتت إلى بيت الحسين، أعجب بها وبجمالها، فسألها عن اسمها، فأجابته قائلة: هوى، فقال لها: أنت كما سميت، فسألها قائلًا: هل تجيدين شيئًا، فقالت له: نعم، أجيد قراءة القرآن، وأنشد الشعر، فطلب منها أن تقرأ شيئًا من القرآن فقرأت: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}، فقال لها أنشدي شيئًا من الشعر، فطلبت منه الأمان، فأعطاها إياه، فأنشدت شيئًا من الشعر يذكره بأن الإنسان فان، فبكى، ثم قال لها: اذهبي، فأنت حرة، وما بعث به الخليفة معك فهو مني لك، وقال لها: هل قلت في الخليفة شيئًا من الشعر، فقالت له نعم، لقد قلت:
رَأَيتُ الفَتى يَمضي ويَجمَعُ جُهدَهُ
رَجاءَ الغِنى وَالوَارِثونَ قُعودُ
وما لِلفَتى إلّا نَصيبٌ مِنَ التُّقى
إذا فارَقَ الدُّنيا عَلَيهِ يَعودُ
فأمر لها بألف دينار، ومن ثم أخرجها، وعندما خرجت قال: لقد كنت أرى أبي كثيرًا ما ينشد:
ومَن يَطلُبُ الدُّنيا لِحالٍ تَسُرُّهُ
فَسَوفَ لَعَمري عَن قَليلٍ يَلومُها
إذا أدبَرَت كانَت عَلَى المَرءِ فِتنَةً
وإن أقبَلَت كانَت قَليلٌ دَوامُها
ثم بكى وقام إلى صلاته.
نبذة عن شاعرة القصيدة هدى
هي جارية اشتراها الخليفة معاوية بن أبي سفيان، وأهداها للحسين بن علي بن أبي طالب، كانت تجيد قراءة القرآن، وتحفظ الشعر وتنشده.
