قصة قصيدة رأيت المرء تأكله الليالي
أمّا عن مناسبة قصيدة “رأيت المرء تأكله الليالي” فيروى بأنّ أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان في يوم من الأيام أراد أن يجلس مع أرطأة بن سهية، فبعث أحد رجاله في طلبه، وعندما وصل الرجل إلى بيت أرطأه، دق عليه بابه، وعندما خرج إليه أخبره بأن أمير المؤمنين يريده في مجلسه الآن، ففرح أرطأه بسبب ذلك، ودخل إلى بيته وارتدى أفضل ما يملك من ملابس، وتعطر بأفضل العطور، وخرج مع الرجل إلى مجلس الخليفة، وعندما وصل وقف على بابه، واستأذن للدخول، فأذن له الخليفة بالدخول.
وعندما دخل ووقف بين يدي الخليفة، سلم عليه بأفضل السلام، فرد عليه الخليفة سلامه، وقال له: يا أبا الوليد هل تقول اليوم الشعر؟، فقال له: لا يا مولاي، كيف أقول وأنا لم أعد أشرب، ولم أعد أطرب، ولم أعد أغضب أيضًا، وما يكون الشعر إلا على هذه الثلاثة، وأنا الذي أقول:
رأيت المرء تأكله الليالي
كأكل الأرض ساقطة الحديدِ
وما تبغي المنية حين تأتي
على نفس ابن آدم من مزيد
وأعلمُ أنها ستكر حتى
توفي نذرها بأبي الوليدِ
خلقنا أنفسنا وبني نفوس
ولسنا بالسلام ولا الحديدِ
لئن أفجعتُ بالقرناء يوماً
لقد متعت بالأمل البعيدِ
وعندما سمع الخليفة ما قال أبا الوليد فزع خوفًا، كونه كان يكنى بأبي الوليد، وقال له: ويحك، أتعنيني بشعرك، فقال له أرطأه: لا والله يا مولاي، لم أعنك، وإنما عنيت نفسي.
نبذة عن أرطأة بن سهية
هو أرطاة بن زفر بن عبد الله بن مالك بن شداد بن عقفان بن أبي حارثة بن مرة بن نشبة بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان، ولد في بادية غطفان، وكان يلقب بأبي الوليد وهو أحد شعراء صدر الإسلام العصر الأموي، وأحد الشعراء فصيحي اللسان، اشتهر بصدقه وأمانته، كان من أشراف قومه، وجوادًا بينهم، وسمي بابن سهية نسبة إل أمه سهية بنت زامل بن مروان بن زهير بن ثعلبة.
توفي أرطأه بن سهية في بادية غطفان.