قصة قصيدة رب مغموم بعافية:
أمّا عن مناسبة قصيدة “رب مغموم بعافية” فيروى بأنّه في يوم من الأيام دخل يحيى بن مبارك اليزيدي إلى مجلس عيسى بن عمرو، وكان ممّن جالس يومها سلم الخاسر، فقال سلم ليحيى اليزيدي: يا أبا محمد، أريد منك أن تهجوني بقصيدة على وزن قصيدة امرؤ القيس حينما قال:
رب رام من بني ثعل
مخرج كفيه من ستره
فقال له يحيى اليزيدي: ولما تريد مني أن أفعل ذلك؟، فقال له سلم: هذا ما أريد، ولا يوجد عندي سبب لذلك، فقال له اليزيدي: والله إني أنا وأنت لسنا بحاجة لما تطلبه من شر، فطلب عيسى من سلم أن يقوم بهجائه، وقال له: أقسمت عليك أن تقوم بهجائه كما طلب منك، فأنشد اليزيدي قائلًا:
رب مغموم بعافية
غمط النعماء من أشره
وامرئ طالت سلامته
فرماه الدهر من غيره
بسهام منه مقوية
نقضت منه قوى مرره
وكذاك الدهر منقلب
بالفتى حالين من عصره
يخلط العسرى بميسرة
ويسار المرء في عسره
عق سلم أمه صغرا
وأبا سلم على كبره
كل يوم خلفه رجل
رامح يسعى على أثره
يولج الغرمول سبته
كولوج الضب في جحره
فتغير لون سلم الخاسر وندم، وقال: هذه هي عاقبة من بغا وطلب الشر، فضحك عيسى وقال له: لقد اجتهد الزيدي أن تدعه وشأنه، ورفض أن يهجوك، فرفضت وأصرّيت على أن يقوم بهجائك، فغادر سلم المجلس وهو يشتم، ويقول للزيدي: والله إنه لا يحل لأحد أن يتكلم معك.
نبذة عن الشاعر يحيى بن مبارك اليزيدي:
هو أبو محمد يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي اليزيدي، ولد في عام مائة وثمانية وثلاثون للهجرة في البصرة، ونشأ فيها، ثم انتقل إلى بغداد وعاش فيها، ومن ثم انتقل إلى مكة المكرمة، لغوي وشاعر، أخذ اللغة من خليل بن أحمد الفراهيدي.
من مؤلفاته:
- كتاب النوادر في اللغة
- كتاب المقصور والممدود
- كتاب النقط والشكل
- كتاب المختصر في النحو
- كتاب مناقب بني العباس
توفي يحيى بن مبارك اليزيدي في عام مئتين واثنين للهجرة في مكة المكرمة.