قصة قصيدة سئلت فلم تبخل ولم تعط طائلا:
أمّا عن مناسبة قصيدة “سئلت فلم تبخل ولم تعط طائلا” فيروى بأن الحطيئة في يوم دخل إلى المدينة المنورة، وتوجه إلى بيت عتيبة بن النهاس العجلي، ودخل عليه وقال له: أعطني، فقال له عتيبة: ليس لك عندي مال أعطيك إياه، وليس لدي أي فائض عن حاجة أولادي لكي أعطيك إياه، فخرج الحطيئة من منزله وهو غاضب.
وبعد أن خرج الحطيئة من بيت عتيبة العجلي، أخبره جلسائه بأن من خرج لتوه من عنده هو الحطيئة، فأمر بأن يردوه إليه، وعندما دخل عليه، قال له: يا أخي، لقد دخلت علينا ولم تعرف عن نفسك، ولم ترد السلام، هل أنت الحطيئة؟، فقال له الحطيئة: نعم، أنا هو، فقال له عتيبة: اجلس، ولك عندي كل ما تريد وترغب، فجلس الحطيئة، وقال له عتيبة: من أشعر الناس؟، فقال الحطيئة: البيت الذي قاله زهير بن أبي سلمى، حينما قال:
من يجعل المعروف من دون عرضه
يفره ومن لا يتق الشتم يشتم
فقال له عتيبة: ثم من؟، فقال البيت الذي قاله عبيد بن الأبرص حينما قال:
من يسأل الناس يحرموه
وسائل الله لا يخيب
فقال له عتيبة: ثم من؟، فقال له: أنا، فقال عتيبة لخادمه: خذ الحطيئة معك إلى السوق، ودعه يشتري ما شاء، فأخذه وتوجه إلى السوق، وجعلا يمشيان في السوق، والخادم يشير له إلى الأشياء الفاخرة لكي يشتريها له، ولكن الحطيئة يرفض، حتى وصل إلى دكان يبيع الملابس، فاشترى بعضًا منها، وقال للخادم: هذا يكفيني، فقال له الخادم: ولكن مولاي أخبرني بأنّ أبسط لك يدي بالنفقة، فقال له الحطيئة: لا حاجة لي في أن يكون له على قومي فضل أكبر من هذا، ثم أنشد قائلًا:
سُئِلتَ فَلَم تَبخَل وَلَم تُعطِ طائِلاً
فَسِيّانِ لا ذَمٌّ عَلَيكَ وَلا حَمدُ
وَأَنتَ اِمرُؤٌ لا الجودُ مِنكَ سَجِيَّةٌ
فَتُعطي وَقَد يُعدي عَلى النائِلِ الوُجدُ
نبذة عن الحطيئة:
هو أبو مليكة جرول بن أوس بن مالك العبسي، من الشعراء المخضرمين في العصر الجاهلي، لم يسلم في زمن الرسول صل الله عليه وسلم، بل أسلم في عصر خلافة أبو بكر الصديق.