قصة قصيدة سيشرق وجهك خلف الظلام

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة سيشرق وجهك خلف الظلام

أمّا عن مناسبة قصيدة “سيشرق وجهك خلف الظلام” فيروى بأنّه كان هنالك سجين في سجن تدمر يقال له الأستاذ نادر، وكان قد انتشر في وقت سجنه الكثير من الأمراض في ذلك السجن، ومن تلك الأمراض مرض الجدري والكوليرا والجرب، وغيرها الكثير من الأمراض، وقد فتكت تلك الأمراض بالعديد من السجناء، وخصوصًا مرض السل.

وكان من بين السجناء طفل لا يتجاوز عمرة السادسة عشر، وكان اسم هذا الطفل مصعب، وكان مصعب قد اعتقل هو وكافة أسرته في مداهمات عشوائية للجيش، وكان مصعب يتردد كثيرًا إلى زنزانة الأستاذ مصعب، ويحفظ عنده القرآن الكريم، وتعلق الأستاذ بمصعب، وتعلق مصعب بالأستاذ، وخاصة بعد أن أعدم كل من شقيقاه ووالده أمام ناظريه، وهو يراقبهم وهم مكبلون ومسيرون نحو المشنقة من ثقب في باب زنزانته.

وكان اعدام شقيقاه قبل إعدام والده بشهر، وعندما نادوا على اسميهما لكي يتم إعدامهم، تقدم إليهما والدهما، وقام بضمهما إلى صدره، والدموع تجري من عينيه، ومن ثم قال لهما: اصبرا يا ابنائي، ولتكونا رجالًا كما عهدتكما، كونا مؤمنين بالله تعالى كما ربيتكما، وإن موعدكما الجنة إن شاء الله، ومن ثم قال: لا إله إلا الله، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

ومن بعد أن أعدم والد مصعب، أصيب مصعب بمرض السل، فأصبح كل جسمه يؤلمه، وكان يسعل بشدة، وترتفع درجة حرارته، فكان يجد في الأستاذ نادر سلوى عظيمة، وكان لا يهدأ إلا عندما يضع الأستاذ يده على صدره، ويقرأ عليه آيات من القرآن الكريم، ويمسح بيده الأخرى على رأسه ووجهه، فينام مصعب.

وفي ليلة من الليالي أراد الأستاذ نادر أن يهدي مصعب هدية ليخفف ما فيه من أوجاع، فلم يجد عنده شيئًا يهديه إياه سوى أبياتًا من الشعر كان قد سمعها من مسجون في زنزانة مجاورة له، وكان قد حفظها، وعندما استيقظ مصعب في وقت الفجر، قال له الأستاذ نادر: يا مصعب، هذه هدية مني لك، ثم أنشده قائلًا:

سيُشرِقُ وَجْهُكَ خَلْفَ الظَّلام
وصَـدْرُكَ يَنْزِفُ خَلْفَ الحديدْ

ومَـا كَـادَ يـثـنيكَ حِـقْدُ الـلِّئام
فَـيَا مُصْعَبُ التَّدْمُرِيُّ الشهيدْ

عَلَيْكَ السلامُ .. عَلَيْكَ السلامْ !..

أخـي نحنُ بعدَ الأذَى والهَوان
سَنَعْلو على الخَلْقِ إنْسَاً وجَانّ

لَنا الصَّدْرُ أو مَنْزِلٌ في الجِنَان
وبــعــدَ الأعـاصـيـرِ والـزَّلْـزَلَـة

كَأنَّ فُـؤادِي غَدَا قُنْبُلَــة !..

وعندما انتهى الأستاذ من إنشاد الأبيات ابتسم الغلام ابتسامة عريضة، وبقي سعيدًا طوال اليوم، وفي المساء اقترب منه الأستاذ نادر، وأعاد إنشاد الأبيات على مسامعه، فنام مصعب على قدميه، ولكن وللأسف كانت تلك الليلة آخر ليلة في حياته.

حالة الشاعر

كانت حالة الشاعر عندما أنشد هذه القصيدة التفاؤل، بأنه ومهما بلغت الحياة قسوة، فلا بد من أن يأتي يومًا وتصبح الحياة جميلة.


شارك المقالة: