قصة قصيدة - صوت صفير البلبل -

اقرأ في هذا المقال


التعريف بالشاعر الأصمعي:

وأمَّا عن التعريف بالشاعر فهو الشاعر الأصمعي هو عبد الملك بن علي بن أصمع الباهلي، ولد في البصرة، حيث يعد الأصمعي من أئمة العلم واللغة والشعر والأدب، فكان الأصمعي مُلماً بالعلوم الطبيعية وأيضاً بعلم الحيوان؛ لأنَّه كان يعرف المفردات الأصيلة والمصطلحات العربية وله عدّة أعمال في مجال العلوم الطبيعية، ومنها:

  • كتاب الخيل.
  • كتاب الإبل.
  • كتاب الشاة.

كان الأصمعي يطوف البوادي ويأخذ من علومها وأخبارها ويذهب بها إلى قصور الأمراء والخلفاء لكي يبهر الخلفاء بالعلوم والأخبار التي يأخذها من البوادي، فقد كان يأخذ عليها الكثير من العطايا، ولقد لقبه هارون الرشيد بشيطان الشعر.

بعض من مؤلفات الأصمعي:

  • الأصوات.
  • الأبواب.
  • أبيات المعاني.
  • النوادر.
  • نوادر الأعراب.
  • الوحوش.
  • صوت صفير البلبل.
    توفي الأصمعي سنة 208 للهجرة في البصرة.

سرد قصة ” صوت صفير البلبل “:

تروى قصيدة ( صوت صفير البلبل ) أنَّ هناك خليفة يدعى أبو جعفر المنصور يعرف عنه أنّه يحفظ الشعر من أول مرةٍ والغلام الذي عنده يحفظ الشعر من المرّةِ الثانية وأيضاً الجارية تحفظ الشعر من المرةَ الثالثة، فقام أبو جعفر المنصور بفتح الأبواب للشعراء لكي يلقي الشعراء شعرهم، فقد كان الشرط الأساسي أنّه من يكتب شعراً من أشعاره يأخذ بوزن ما يكتب عليه ذهباً.

وهنا تبدأ قصّة صوت صفير البلبل، فقد حضر إحدى الشعراء إلى بلاط الملك وكان من الشعراء الفحول، فقال له: أبو جعفر المنصور إن كان من قولك أعطيناك بوزنها ذهباً وإن لم تكن من قولك لم نجزيك عليها شيء، فبدأ الشاعر قائلاً:

إنّ الخلافة مذ قامت ومذ بدأت
معقودة بفتى من آل عباسِ

إذا انقضى عمر هذا قام ذا خلفاً
فلاحت الشّمس وامتدّت على الناسِ

فقال له أبو جعفر المنصور: كفاك! أنّ هذا الشعر لابن الرداد.

فردّ عليه الشاعر: أنَّ الشّعر قد يتشابه بالبيت والبيتان.

فقال أبو جعفر المنصور: لدي من يشهد على ذلك، فقد نادى الغلام، فسأله أبو جعفر المنصور الغلام هل سمعت بابن الرداد؟ فقد أجابه نعم! يا مولاي فقد مدحكم بقصيدته، قائلاً:

إنّ الخلافة مذ قامت ومذ بدأت
معقودة بفتىً من آل عباسِ

فقال أبو جعفر المنصور للشاعر: والله لولا أنّني أحب الشعر لقتلك، فأذهب.

تعجّب الشعراء من هذا الأمر بدأو يتناقشون في ما حصل في بلاط الملك ومع هذا النقاش فقد مرّ الأصمعي، فقال لهم: ما أمركم؟
فقالوا: نتعجب من أمر الخليفة أبو جعفر المنصور فقد يحفظ الشعر من أول مرةً والغلام من المرّةِ الثانية والجارية من المرّة الثالثة، فتعجب الأصمعي وقال: أنّ في الأمر حيلة!.

ذهب الأصمعي ونظم قصيدة التقط فيها الكلمات الصعبه ولكن تستعذبها الأذان لا يعرفها الخليفة ولا يعلمها، فدخل الأصمعي إلى بلاط الخليفة أبو جعفر المنصور فقال له: اتيتُكَ بقصيدة لا تعرفها ولا تحفظها ولا تسمع بها أبداً فقال له: وإن عرفتها؟ قال له: أفعل بي ما تشاء، فبدأ الأصمعي قائلاً: صـوت صفير الـبلبـلِ وقد أنهى القصيدة بنفس البيت وهذا ما يسمّى باللغة العربية التصريع، فهذا يدل على بلاغة الأصمعي.

وهذه القصيدة التي لا يحفظها الخليفة ولا الغلام ولا الجارية، فقال:

صـوت صفير الـبلبـل
هيّج قلبي الثملِ

الماء والزهر معاً
مــــع زهرِ لحظ المقلِ

وأنت يا سيد لي
وسيدي ومولى لي

فكم فكم تيمني
غزيل عقيقلي

وقال أيضاً:

والعود دندن دنا لي
والطبل طبطب طب لـي


طب طبطب طب طبطب
طب طبطب طبطب لي
والسقف سق سق سق لي
والرّقص قد طاب إلي

فقد قال في نهاية القصيدة، قائلاً:

أنا الأديب الألمعي
من حيّ أرض الموصلِ

نظمت قطعاً زخرفت
يعجز عنها الأدب لي

أقول في مطلعها
صوت صفير البلبلِ

فقال أبو جعفر المنصور أنا عجزت ولم أحفظ منها شيء فقد نادى الغلام والجارية وقالا له لم نسمع بها أبدا، فقال له: أبو جعفر المنصور أعطنا القصيدة نجزيك عليها.

فقال الأصمعي: إنّني لا أكتبها على ورق لأنّك لم تشترط من الشعراء أنَّ تكتب القصائد على ورق، فقد كتبتها على عمود رخام قد ورثتة من والدي فقد نقشتُ عليه قصيدتي لا يحمله إلَّا أربعة من جنودك، فأمر الخليفة الوزير أن يعطي الأصمعي وزن العمود الرخام ذهباً، فقال الوزير لو أعطيناه وزن هذا العمود ذهباً لنفذت خزائن الدولة، فقال الوزير للأصمعي: هل يرضيك أنّ تنفذ خزائن بيت المال؟

فقال الأصمعي: لا، اتنازل عن حقي ولكن عندي شرط أن تعطي الشعراء حقهم في قولهم ومنقولهم، فردَّ عليه أبو جعفر المنصور فقد وافقت على الشرط وهكذا الأصمعي فرَّج عن الشعراء بفضل هذه القصيدة.




شارك المقالة: