قصة قصيدة علو في الحياة وفي الممات

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة علو في الحياة وفي الممات

أمّا عن مناسبة قصيدة “علو في الحياة وفي الممات” فيروى بان خلافًا قد حصل بين عز الدولة، وابن عم له يقال له عضد الدولة، وكان لعضد الدولة وزير يقال له ابن البقية، وكان ابن البقية لا يريد لهذه الخلاف أن يتفاقم، فقرر أن يتوجه إلى قصر عز الدولة، ويكلمه لعله يقيم الصلح بينه وبين عضد الدولة، ولكن عز الدولة رفض الصلح، وغضب من الوزير غضبًا شديدًا، لأنه اعتقد بأنه إن قبل الصلح فإن مكانته سوف تهتز، وقام بطرده من القصر، ولم يكتف بذلك، بل إنه قد قام ببعث أحد رجاله إلى عضد الدولة، وقام بنشر خبر زيارة الوزير لعز الدولة في القصر، فوصل الخبر إلى عضد الدولة، فغضب أشد الغضب، وأمر بإحضار الوزير، وحكم عليه بالخيانة.

ووضع الوزير غي ساحة أمام القصر، وأمر عضد الدولة بجلب فيلة، ووضعهم بالقرب من الوزير، فداسوا عليه حتى مات، وكان عمره في ذلك الوقت ما يقارب الخمسين، وبعد أن توفي الوزير، أمر عضد الدولة بأن يصلب على باب بيته، وكان بيته قريبًا من قصر عضد الدولة، وعندما رآه الناس على هذه الحال، أصابهم حزن شديد عليه وعلى ما أصابه، وكان ذلك بسبب قربه من الناس، وكثرة مساعدته لهم، فقد كان لا يتأخر عن تقديم الخدمة لأي كان، وكان يقضي حوائج الناس.

وبينما هو مصلوب على باب بيته، مرّ شاعر يقال له أبو الحسن الأنباري، ورآه وقد تجمع الناس من حوله، فأنشد حزينًا على موته قائلًا:

علو في الحياة وفي المماتِ
لحق تلك إحدى المعجزات

كأن الناس حولك حين قاموا
وفود نداك أيام الصلات

كأنك قائم فيهم خطيباً
وكلهم قيام للصلاة

مددت يديك نحوهم احتفاءً
كمدهما إليهم بالهبات

ولما ضاق بطن الأرض عن أن
يضم علاك من بعد الوفاة

أصاروا الجو قبرك واستعاضوا
عن الأكفان ثوب السافيات

لعظمك في النفوس بقيت ترعى
بحراس وحفّاظ ثقات

وتوقد حولك النيران ليلاً
كذلك كنت أيام الحياة

ركبت مطيةً من قبل زيدٌ
علاها في السنين الماضيات

وتلك قضية فيها تأسٍ
تباعد عنك تعبير العداة

ووصلت القصيدة إلى عضد الدولة، فحزن حزنًا شديدًا لما قام به، ولكنه وعلى الرغم من ذلك لم ينزله، وبقي الوزير مصلوبًا حتى مات عضد الدولة.

تحليل قصيدة علو في الحياة وفي الممات

تُعد قصيدة “علو في الحياة وفي الممات” من أقوى قصائد الرثاء في الأدب العربي. عبّر فيها الشاعر عن مشاعره الحزينة تجاه موت ابن البقية، ورفضه للظلم الذي لحق به.

استخدم الشاعر العديد من الصور الشعرية القوية للتعبير عن علو مكانة ابن البقية، سواء في حياته أو بعد موته. ففي حياته، كان كريماً سخياً، لا يتردد في مساعدة المحتاجين. وبعد موته، رفضت الأرض أن تضم جسده، فصار الجو قبره، والسافيات أكفانه.

قصيدة علو في الحياة وفي الممات ومشاعر الشاعر

عكست القصيدة مشاعر الحزن والألم التي انتابت الشاعر عند رؤية جثمان ابن البقية المصلوب، ففي كل بيت من أبياتها، ينبض شعورٌ بالظلم والقهر.

نبذة عن أبي الحسن الأنباري

هو أبو الحسن محمد بن عمر بن يعقوب الأنباري، شاعر من شعراء العصر العباسي.

ملاحظة: تُعد قصيدة “علو في الحياة وفي الممات” نموذجاً رائعاً للقصيدة الرثائية التي تُعبّر عن المشاعر تجاه موت عزيز، ورفض الظلم.


شارك المقالة: