قصة قصيدة عيون مها الصريم فداء عيني
أمّا عن مناسبة قصيدة “عيون مها الصريم فداء عيني” فيروى بأن سلمى بنت القراطيسي كانت فتاة شديدة الجمال، واشتهرت بين أرجاء العرب بجمالها، وكانت بالإضافة لكونها جميلة رقيقة عفيفة صاحبة نفس غنية، كما أنها كانت شاعرة جيدة الشعر، وفي يوم من الأيام وقفت سلمى أمام مرآة لها وبدأت تنظر إلى نفسها في تلك المرآة، فأعجبت بجمالها وحسنها، بالإضافة إلى قوامها الرشيق، فأخذت تنشد قائلة:
عيون مها الصريم فداء عيني
وأجياد الظباء فداء جيدي
أزيّن بالعقود وإن نحري
لأزين للعقود من العقود
ولو جاورت في بلد ثموداً
لما نزل العذاب على ثمود
وانتشرت هذه الأبيات التي قالتها في نفسها بين العرب، حتى وصلت في يوم من الأيام إلى الخليفة العباسي المقتفي لدين الله، وعندما سمع الخليفة هذه الأبيات بدأ يفكر في صاحبة الأبيات، وقرر أن يقوم ببعث مجموعة من غلمانه إلى الحي الذي تسكنه سلمى، وهو حي من أحياء مدينة بغداد، لكي يقوموا بالاستفسار عن وضع هذه الفتاة، وكيف تعيش، ولكي يستقصوا له إن كانت هذه الفتاة بالجمال الذي ذكرته في شعرها أم لا، وقال لهم: اسألوا إن كانت قد صدقت في أوصافها، فخرج الغلمان، وتوجهوا إلى حيها، واستقصوا عنها، حتى تمكنوا من معرفة كل ما يخص سلمى.
وعندما عادوا إلى الخليفة بعد أن أنجزوا مهمتهم، ودخلوا إلى مجلسه، سألهم عنها، فأخبروه بأنه لا يوجد فتاة أجمل منها، ومن بعد ذلك سألهم إن كانت عفيفة أم لا، فردوا عليه قائلين بأنها من أعف الناس، فقام الخليفة بإرسال المال الوفير إليها لها مع رسل من عنده، وقال لهم: إن هذه الفتاة تستطيع أن تصون جمالها، وعفتها، وتبقي على رونق بهجتها، ولعلها بالمال الذي أرسله معهم تساعد نفسها على صيانة جمالها.
نبذة عن سلمى بنت القراطيسي
هي سلمى بنت القراطيسي، وهي امرأة من أهل بغداد، عاشت في بداية العصر العباسي الثاني، في زمن الخليفة العباسي أبو عبد الله محمد المقتفي لدين الله.
كان أبوها وراقًا يعمل في بيع الكتب المخطوطة والقراطيس المعدة للكتابة وكان هذا واحدًا من الأسباب المهمة التي مكنتها من التواصل مع عدد كبير من الأدباء والشعراء، فجعلها تكتسب منهم ما أغنت به ملكاتها الإبداعية وطورتها.