قصة قصيدة فإن تسألاني فيم حزني فإنني

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة فإن تسألاني فيم حزني فإنني

أمّا عن مناسبة قصيدة “فإن تسألاني فيم حزني فإنني” فيروى بأن هارون الرشيد قام في يوم من الأيام ببعث الأصمعي إلى بادية البصرة، لكي يأخذ من أهلها تحف الكلام وطريف الحديث، فخرج الأصمعي وتوجه إلى البصرة، وعندما وصل إلى المدينة، نزل عند صديق له، وجلس عنده أيامًا، وفي يوم خرج الاثنان إلى المقابر في الصباح الباكر، وعندما وصلوا إلى هنالك، لقوا جارية، وكانوا قد اشتموا رائحة عطرها قبل أن يلقوها، وعندما اقتربوا منها، وجدوها ترتدي ثياب مصبغة، وجواهر، وكانت تبكي بكاءً شديدًا، فاقترب الأصمعي منها، وقال لها: ما بك يا أختي؟، فأخذت هذه الجارية تنشد قائلة:

فَـإِن تَـسـألانـي فـيـمَ حُزني فإنّني
رَهـيـنـة هَـذا القـبـرِ يـا فـتـيـانِ

وَإِن تَــســأَلانــي عَــن هَـوايَ فـإنّه
مُــقــيــم بِــحَـوضـي أيّهـا الرجـلانِ

وَإِنّـي لأسـتـحـيـيـهِ والترب بيننا
كَـمـا كـنـتُ أَسـتـحـيـيه حين يراني

أَهابُكَ إِجلالاً وَإن كنتَ في الثرى
وَأَكــره حــقّــاً أَن يــسـؤكَ مَـكـانـي

فقال لها الأصمعي: والله إني لم في حياتي تفاوت، كما رأيت بين ما ترتدين وبين الحزن الذي فيك، فأخبريني بشأنك، فأنشدت تقول:

يا صحب القبر، يا من كان يؤنسني
حيّاً، ويكثر في الدّنيا مواساتي،

أزور قبرك في حليٍّ وفي حللٍ
كأنّني لست من أهل المصيبات؛

فمن رآني، رأى عبرىً مفجعةً
مشهورة الزّيّ تبكي بين أمواتي.

فقال لها الأصمعي: وماذا يقرب لك الرجل؟، فقالت له: هو زوجي، وكان يحب قبل أن يموت أن يراني مرتدية هذه الملابس، فقررت في نفسي أن لا أزور قبره إلا في مثل هذه الملابس، وأن أكون متعطرة بأجمل الروائح، وأنتما أنكرتما ذلك علي، فسألها الأصمعي عن خبرها وعن المكان الذي تعيش فيه.

ومن ثم عاد إلى الخليفة هارون الرشيد، وأخبره بجميع الأخبار التي شهدها في بادية البصرة، وكان مما أخبره به خبر تلك الامرأة، فقال له الرشيد: لا بد عليك أن تعود إليها، وتخطبها لي من وليها، وتحضرها لي، ولا يكون عن ذلك بد، وبعث معه خادمًا ومالًا كثيرًا، وتوجه الأصمعي إلى البصرة، وتوجه إلى قومها، وأخبرهم بالخبر، فوافقوا وزوجوها من أمير المؤمنين، وبعثوها مع الأصمعي، وهي لا تعلم، وعندما وصلوا إلى المدائن، أخبرها الأصمعي، فشهقت شهقة وماتت من فورها، فدفنها هنالك.

نبذة عن لطيفة الحدانية

لطيفة الحدانية، شاعرة من شاعرات العصر العباسي، تزوجت من ابن عم لها، وكانت تحبه حبًا شديدًا، ولكنه مات، ورثته بأبيات.


شارك المقالة: